المرأة اليمنية الحديدية

26/11/2024 17:37:29



 محمد الصعر

فهذه هي ٱخر أمين عام مساعد للمؤتمر الشعبي العام ما تزال موجودة في الساحة السياسية وتعمل قدر جهدها للإبقاء على هذا التنظيم الذي أصابه الكثير منذ الأزمة السياسية في 2011 صعوداً إلى طي صفحة صالح سعودياً عبر سعود الفيصل و جمال بن عمر و الإصلاح و الحوثيين ، ووصولاً إلى الانتهاء من صالح في ديسمبر 2017 ، وهذه هي أهم ثلاث مراحل قضت على تواجد المؤتمر و تمثيله سواء في المؤتمرات الدولية أو المفاوضات بل وكذلك المشاورات .

من باب الإنصاف ولله ثم للتاريخ سأحاول أن أذكر لها أدوراً قامت بها -فائقة السيد- والذي تناساها الكثير من المؤتمريين في هذه الفترة نتيجة التجاهل الإعلامي لدورها والذي ليس توجهاً عاماً من المؤتمر ، و إنما سلوك شخصي من القائمين -الموظفين - على هذه الوسائل ، أما ما يثير الريبة فهناك سباق من القيادات لشراكة فائقة إذا حققت نجاح أو اختراق في صورة مُعيبة وهشاشة تنظيمية بل وغياب تام لأي أجندات مقبلة ، والتعامل مع الأحداث السياسية على قاعدة الأجندات اليومية القائمة على تلقي الصدمة ، لا الإعداد لها .

القصة بدأت من بعد ديسمبر المشؤوم حين استدعاها عبدالملك الحوثي إلى حي الجراف للحديث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة ، وكانت فائقة السيد يومها تنزف دماً من أذنيها نتيجة تليقها لخبر مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح و رفيقه عارف الزوكا ، استدعاها الحوثي ولم تكن هي القيادية الوحيدة التي أتت إلى ذات كرسي اللقاء ، لكنها كانت الأكثر صلادة و صلابة وقوة ، ولها كلمتها المشهورة في وجه زعيم الحوثيين حين نادته بأن يتحولوا إلى دولة لا مليشيا مسلحة انتصرت على شخص قاتل من داخل منزله ، و دعته للحفاظ على مؤتمر الداخل لغرض التوازن كما انها حفاظ للمؤتمر كي لا يكون عبارة عن حزب هاربين .

للعلم من الصعب جداً أن يتحدث أحد القيادات سواء من مؤتمر الداخل الذين مايزالون متواجدين في صنعاء ، أو الذين تمكنوا من الفرار بعد ديسمبر الأسود تحت ذريعة العلاج عن اللقاء بعبد الملك الحوثي ، فالكثير كان له وجهات نظر تقبل بسحب اليد من تحت الحجر بكل هدوء ، وهناك من فرط وجنى على كرامته وعلى رفاقه ، وهذا شأن شخصي و التاريخ لا يخلد إلا الأبطال ، وفائقة السيد كانت الورقة الرابحة و الأكثر وفاء ، فما فعلته بالقيادي المتحوث الحباري في المستشفى من رمي للورد إلى وجهه بعد اتهامه للرئيس السابق بكلام غير لائق لأحد صور الرفض لما بعد ديسمبر من تلون أو خضوع .

فائقة السيد لها مواقف مشرفة بعد ديسمبر فقد كان لها اتصال مباشر مع المكتب السلطاني لراحل قابوس رحمه الله سلطان دولة عُمان لحل قضية حبس أولاد الزعيم صالح و كذلك عفاش و علاج محمد بن محمد عبدالله صالح ، والتاريخ السياسي و الإنساني خير شاهد بأنها القيادية المؤتمرية الوحيدة التي طوعت الحوثيين و لم تطاوعهم و وصلت لأن تأخذ صورة مع المعتقلين رغم رفض السجان ، وكان لها الفضل بعد الله و العمانيين في خروج نجلي الرئيس صالح إلى سلطنة عُمان و منها إلى أبوظبي سالمين .

و كحالة صراع فريدة و قوية تثبت بأنها المرأة الحديدية لم تخرج فائقة السيد من اليمن هرباً أو خوفاً بل بالطائرة الأممية وذهابها لأكثر من دولة لتلقي العلاج التي ما تزال مستمرة فيه إلى اليوم ، وقد مثل هذا الخروج في نظر السياسيين انتصاراً سياسي لها ، لكنه أفقد المؤتمر قوة سياسية في صنعاء برحيلها فقد كانت الحامي وصاحب كلمة " عيب " التي كانت تردع الكثير من المتلونيين و المداهنين .

فائقة السيد لها موقف مؤخراً بزيارتها الرسمية إلى روسيا ، وفتح ملف العقوبات على السفير أحمد علي عبدالله صالح ، وقد فتحت فائقة السيد باب الضغط الروسي من جديد داخل الملف اليمني، وسمعنا خبر رفع العقوبات لما يربط دول الخليج مؤخراً من علاقات وساطة في الملف الروسي الأوكراني و دخول الإمارات والسعودية في حل قضايا كثيرة عالقة ، ويطول الحديث في هذا الجانب ، خصوصاً مع ظهور راكبين للموجة كُثر .

ما يُهم حالياً هو النظر إلى صراع هذه البطلة و المرأة اليمنية الحديدية التي لا تملك إلا وجه واحد و قدمين سياسيتين تتنقل بهما قدر جهدها وطاقتها وحيدة ، بعدما هربت الكتل البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام إلى الانضواء تحت مظلات اخرى أو تولي مناصب شكلية في الخارج بل أن هناك من يؤاثر الصمت و ما يزال يتطلع بعينه و ينتظر الخبر بأذنه ليشارك في أي صلح مقبل.
الوفاق نيوز


تابعونا علي فيس بوك