عبداللاه سُميح - إرم نيوز
تعيش العاصمة اليمنية المؤقتة عدن مؤخرا على وقع احتجاجات شعبية، أغلقت خلالها الطرقات الرئيسة في مديرياتها المختلفة، احتجاجًا على ارتفاع أسعار الوقود واستمرار تدهور الأوضاع الخدمية والأزمات المعيشية، دون تدخلات حكومية ملموسة.
ومع اقتراب مرور الثلاثة الأشهر الأولى على تشكيل قيادة جديدة للبلاد، باتت الاحتجاجات الغاضبة تمثل تحديا جديدا يُضاف إلى قائمة طويلة من التحديات البارزة التي تواجه مجلس القيادة الرئاسي، المشكّل في السابع من أبريل/ نيسان المنصرم.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي، ورئيس حكومته الدكتور معين عبد الملك، أكدا عدة مرات، أن عدن ستحظى بأولوية الاهتمام الرئاسي والحكومي عبر تحسين القطاعات الخدمية وتعزيز الأوضاع الأمنية، إلى جانب أولويات عمل المجلس الرئاسي، ممثلة في ملف الاستقرار الاقتصادي وتحسين الخدمات والتخفيف من المعاناة الإنسانية.
إصلاحات عاجلة
وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسي صلاح السقلدي، في حديثه لـ“إرم نيوز“، إن ”كل المجالات التي تتطلب إصلاحات عاجلة، ما تزال تراوح مكانها بسبب الجمود وسوء الإدارة، باستثناء المكسب الوحيد الذي حققه مجلس القيادة الرئاسي منذ تشكيله، في نزع فتيل التوتر العسكري الذي كان قائما بين القوات الجنوبية وقوات الشرعية“.
وأشار السقلدي إلى أن ”مجلس القيادة الرئاسي لم يفلح في تبديد جبل جليد عدم الثقة بين الجنوبيين والمجلس الانتقالي الجنوبي بالذات، وبين الأحزاب الأخرى، كما أن مسألة دمج القوات ما تزال بعيدة المنال، إن لم نقل إنها مستحيلة التنفيذ“.
وبين أن ”الدعم السعودي والإماراتي المستمر لأطراف مجلس القيادة الرئاسي، هو الذي يحافظ على بقائه ويمنع انفراط العقد وتفرّق أياديه، ويحول دون دخول الجميع في حالة صدام عسكري“، وفقا لتعبيره.
واعتبر السقلدي أن ”الاحتجاجات التي تشهدها عدن، تأتي نتيجة أزمات كثيرة متراكمة منذ سنوات، وهي تحول دون تحقيق أي تحسن، فالفساد ضارب جذوره في أعماق الدولة اليمنية العميقة أو بالأصح في ما تبقى منها، إضافة إلى أن موضوع الخدمات في عدن وعموم الجنوب كان وما يزال ورقة ابتزاز ومساومة سياسية بيد الأحزاب والقوى السياسية لتركيع الطرف الجنوبي، لاعتقاد تلك القوى أن هذا الوضع المتردي سيشغل الجنوبيين عن غاياتهم السياسية“.
وأضاف السقلدي أن ”الوضع سيظل كما هو حتى نرى تغييرا في نظرة تلك القوى وحُسن نواياها تجاه القضية الجنوبية وتجاه الأزمة اليمنية، ولكن سيظل هذا التغير المنشود مرهونا بحجم ضغوطات التحالف على تلك القوى“.
وأغلق المحتجون الغاضبون في عدن، مساء أمس الاثنين، الطريق المؤدي إلى ميناء الزيت بمدينة البريقة، المخصص لرسو سفن الوقود الواردة من الخارج، ومنعوا دخول وخروج الناقلات النفطية، في حين أغلق متظاهرون في مدينة كريتر، مدخل المدينة الرئيس وقطعوا الطريق المؤدية إلى مقر إقامة الحكومة اليمنية في قصر ”معاشيق“ الرئاسي، وسط مخاوف من ارتفاع حدّة الاحتجاجات الغاضبة وتكرار عملية اقتحام المحتجين لمقر إقامة الحكومة، كما حدث في منتصف مارس/ آذار من العام المنصرم، ما أدى إلى مغادرتها للبلاد لعدة أشهر.
الدعم المالي
ويرى مدير مكتب مركز ”south24“ للأخبار والدراسات في عدن، يعقوب السفياني، أن ”الاحتجاجات حتى الآن قد لا تشكل خطرًا حقيقيًا إذا ما تم تلافي تصاعدها بخطوات عملية تخفف من الاحتقان الشعبي، ومن المفترض أن يسهم الدعم المالي الخليجي المعلن عنه مؤخرًا (3 مليارات دولار) في ذلك“.
وأكد السفياني، في حديثه لـ“إرم نيوز“، أنه ”في حال استمرار مسببات التصعيد والغضب الشعبي، فإن الأمور قد تخرج عن السيطرة كما حدث سابقًا، وقد تنتقل الاحتجاجات إلى قلب مقرات المجلس الرئاسي وحكومة المناصفة، وهذا بالتأكيد يخدم سياسيًا الحوثيين“.
وأشار إلى أن ”هذه الاحتجاجات متوقعة في ظل استمرار غياب المعالجات الحقيقية لمشاكل عدن، وفي مقدمتها ملف الكهرباء الذي يؤرق سكان المدينة مع حلول موسم الحر والرطوبة العالية كل عام، بالإضافة لما شهدته المدينة مؤخراً من ارتفاع أسعار الوقود وتراجع سعر العملة المحلية وانقطاع مرتبات القطاع المسلح وتدني مرتبات القطاع المدني“.
من جهتها، قالت وكالة الأنباء اليمنية ”سبأ“، الاثنين، إن رئيس الحكومة الدكتور معين عبدالملك، ناقش مع عدد من المسؤولين اليمنيين، مسودة الاتفاقية بين الحكومة والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، المتعلقة بضوابط حوكمة صندوق دعم شراء المشتقات النفطية المستدام.
وأشارت إلى أن عبد الملك وجه وزيري المالية والنفط والمعادن والجهات ذات العلاقة، إلى استكمال مراجعة وإقرار بنود الاتفاقية وإتمام إجراءات التوقيع مع السعودية، والبدء العاجل في تطبيق الاتفاقية بصورة تضمن توفير المشتقات النفطية بشكل عاجل وتأمين احتياجات الأسواق المحلية وتضمن استقرارها.