وتحولت البحيرة العراقية الشهيرة، والملقبة بـ"لؤلؤة الصحراء" إلى أرض ملحية، بعد جفاف آخر قطرات المياه فيها، خلال الأيام الماضية، وهو ما أثار تساؤلات عن سبب ذلك، ودور الجهات المعنية في إنقاذ عجائب البلاد، من المخاطر التي تواجهها، خاصة وأن هذا المسطح، يعد من الظواهر الطبيعية الشهيرة والفريدة في العراق ويمتد عمرها لآلاف السنين.
وتعد بحيرة ساوة التي يبلغ طولها 4.47 كيلومترات وعرضها 1.77 كيلومتر، من البحيرات المغلقة، وليس فيها مصادر مياه من الأنهر، فهي تتزود من المياه الجوفية وتتغذى بالدرجة الأساس على الترشيحات من نهر الفرات، فهي بحيرة ملحية طبيعية.
ولم تكن بحيرة ساوة هي الوحيدة، على طريق الجفاف، إذ يتحدث مسؤولون حكوميون ومختصون في مجال البيئة، عن تهديد قد يطال مجمل البحيرات والمسطحات المائية، خاصة وأن العراق يحتل المرتبة الأولى في التأثر بتغيرات المناخ.
في هذا السياق، حذّرت وزارة الموارد المائية العراقية من تعرض بحيرة الرزازة بمحافظة كربلاء إلى خطر الجفاف، بسبب عدم رفدها بالحصص المائية الكافية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة علي راضي، خلال تصريح صحفي، إن "بحيرة الرزازة بدأت تعاني من الجفاف وتملح مياهها، ما تسبب بنفوق أعداد كبيرة من أسماكها"، مرجعاً عدم مد الوزارة لها بالمياه منذ سنوات إلى "مواسم الجفاف المتتالية في البلاد، وقلة الحصص المائية الواردة من دول الجوار وقطعها للأنهر المشتركة مع العراق".
وأضاف أن "تغذيتها بالمياه سابقاً، كانت لا تتم إلا في حالة فيضان نهر الفرات أو في حال ارتفاع مناسيب بحيرة الحبانية بشكل كبير خلال موسم الوفرة المائية"، كاشفاً عن أن "الوزارة كانت قد أعدت خطة لإحيائها، بيد أن الشح المائي، أوقفها".
وكانت البحيرة خلال ثمانينيات القرن الماضي، منطقة جذبٍ سياحية معروفة بمناظرها الطبيعية الجميلة ووفرة أنواع عدة من الأسماك فيها، والتي اعتمد عليها سكان المنطقة في معيشتهم، إضافة إلى إسهامها بتنمية القطاع الزراعي لكربلاء.
في هذا الإطار يرى الخبير البيئي، أحمد صالح، أن "الجفاف هذه المرة هو الأقسى والأكثر، وسيكون له تداعيات خطيرة، وهذا يعود إلى أن شتاء العام الحالي لم يكن مطرياً، بالإضافة إلى أن أغلب الأراضي الزراعية المحيطة بالبحيرات، تعتمد على المياه الجوفية، ما يؤدي إلى سحب المياه، وبالتالي جفاف البحيرات، كما حصل مع ساوة".
يضيف صالح في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "أفضل ما تقوم به الجهات المعنية والمسؤولين، هو إعداد خطة لتوفير الحد الأدنى من المياه، للبحيرات المهمة، وذات الأثر الاجتماعي، لكن ما حصل هو استخدام مياه السدود الصيف الماضي، بما يفوق بـ 1300 متر مكعب في الثانية، لسد الاحتياج الزراعي، على رغم إدراك السلطات أن السنة الحالية غير مطرية، لكن ما حصل هو عدم ترشيد الاستخدام، وتجنب السيناريو الكارثي".
ولدى العراق نحو 22 بحيرة، مختلفة الأحجام، لكن أبرزها، هي: ساوة، والرزازة في محافظة كربلاء، والحبانية بمحافظة الأنبار، وحمرين في محافظة ديالى، ودربندخان في محافظة السليمانية، حيث تتغذى على أنهار البلاد.
وتقدر الأمم المتحدة أن متوسط درجات الحرارة السنوية سيرتفع بمقدار 2 درجة مئوية بحلول عام 2050 مع المزيد من أيام درجات الحرارة القصوى التي تزيد عن 50 درجة مئوية، في حين سينخفض هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 17% خلال موسم الأمطار.
كما تشير التقديرات إلى أن عدد العواصف الرملية والترابية سيزيد بأكثر من الضعف من 120 في السنة إلى 300، فيما سيدفع ارتفاع مياه البحر إسفينا من الملح إلى داخل العراق، وفي أقل من 30 عامًا، يمكن أن تكون أجزاء من جنوب العراق تحت الماء.