ثلاثة أشهر ونصف فقط كانت الفارق الزمني بين مشهدين متطابقين في الأحداث ومختلفين في النتيجة، عاشتهما مديرية بيحان غربي محافظة شبوة التي سيطرت عليها اليوم قوات العمالقة الجنوبية.
وجاءت هذه السيطرة بعملية خاطفة وسريعة انتهت بمشهد فرار ميليشيات الحوثي من مركز المديرية (العلياء) ، وتداول ناشطون صورة التقطت من عقبة القنذع الرابطة بين بيحان والبيضاء توثق لحظات الفرار لعشرات الأطقم المسلحة التابعة ليمليشيات الحوثي هرباً من قوات العمالقة.
هذه اللقطة اعادت التذكير بمشاهد فرار أطقم قوات الشرعية الخاضعة لسيطرة الإخوان من ذات المكان في الـ 21 من سبتمبر الماضي ، لتسقط بيحان بمديرياتها الثلاث بيد ميليشيات الحوثي في مشهد مذل،كان بمثابة زلزال سياسي وعسكري، ولم تتوقف حينها تبعاته على حدود بيحان فقط ، بل وصلت الى أسوار مدينة مأرب.
فبمجرد سقوط مديريات بيحان اجتاحت ميليشيات الحوثي حريب مأرب وطوقت قبائل مراد في الجوبة والجبل ، وسرعان ما وصلت خلال اقل من شهرين إلى آخر خطوط دفاع مدينة مأرب وهي جبال البلق ، بل وسيطرت على أجزاء منها مع منتصف ديسمبر الماضي.
حدث خطير قلب مشهد الحرب في اليمن رأساً على عقب ، إلى الحد الذي بدأت فيه تقارير دولية تتحدث عن سيناريوهات ما بعد سقوط مدينة مأرب ومحاولة التنبؤ بالوجهة القادمة لميليشيات الحوثي غرباً نحو السواحل وخطوط الملاحة الدولية او حقول النفط شرقاً وبعدها تتوغل نحو الجنوب.
كانت التقارير الدولية ترسم هذه السيناريوهات وتتنبأ بها من منطلق يقيني بقوة ميليشيات الحوثي العسكرية بناءً على مشاهد انهيار جبهات الشرعية أمامها من البيضاء الى بيحان شبوة وصولاً الى مشارف مدينة مأرب.
لينتهي كل ذلك مع مشهد انهيار ميليشيات الحوثي في مديرية عسيلان بعد ساعات فقط من أطلاق قوات العمالقة الجنوبية لعملية "إعصار الجنوب" في شبوة، اليوم بشكل لم يتوقعه أحد وتجتاح قوات العمالقة مديرية بيحان بالكامل وسط فرار لعناصر ميليشيات الحوثي.
مشاهد الانهيار المتسارع لميليشيات الحوثي أعاد التذكير بحقيقتها وحقيقة أن قوتها تعتمد على ضعف أو قوة من تواجه على الأرض ، وان فساد وعبث الشرعية في إدارة المعركة هو من صنع لها انتصارات وهمية وقدم لها الأرض دون جهد ، وسرعان ما تتبخر هذه القوة عند لحظة الحقيقة ، لحظة مواجهة قوات حقيقة وبقيادة لديها عقيدة ورغبة للنصر .