على واقع القصف الحوثي الذي يهز منازل المدنيين مع كل قذيفة تتساقط من السماء، وتصاعد أصوات الصراخ التي تعلو من تحت الأنقاض، تكاد لا تريد سماع ما أصاب تلك العائلات التي وقعت على رؤوسها شظايا الألم حتى لا تذرف الدموع وتشعر بمرارة القهر على ضحايا حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
من منزلهم في منطقة الجبلية بمديرية التحيتا جنوب الحديدة شاعت مأساة امون إبراهيم يحيى، قبل عامين، حين سقطت قذيفة هاون أطلقها الحوثيين وتناثرت الشظايا على جسدها، ونزحت المأساة إلى منطقة الحيمة بذات المديرية لتتربا داخل خيمة متهالكة، ومكشوفة حيث تعيش فيها امون مع أطفالها الثلاثة وزوجها المسن.
ما إن تنظر إلى حال الأسره بعد نزوحها إلا وتراها تجسد مأساة إنسانية بكل فصولها، خيمة قماشية، تسندها أعواد الحطب، واثاث متناثرة، أطفال حزينين، اب مكلوم، وأم معاقة وحديث عن الظالمين الذين اوصلوهم إلى ماهم عليه.
بعينين مرهقتين ويد مشلولة فاقده القدره على الحركة وعاجزة عن استخدامها تقف امون تسرد قصة إصابتها أنها كانت جالسه في وقت العصر مع حلول الساعة الرابعة عصراً ولم تشعر إلا بقذيفة هاون انهالت عليهم وأصاب يدها وظهرها وفخذها بالشظايا، ثم واصلت حديثها عن رحلة اسعافها، أصبحت تعبانه واسعفوني إلى مستشفى الدريهمي ثم الخوخة حتى انتهى العلاج في عدن.
اما زوجها هربي يحيى عمر يقلب صفحات تلك الحادثة في ذاكرته وهو لا يزال مفجوع لهول الموقف : لقد ضربنا الهاون وتسبب بكسور في يد زوجتي وظهرها وفخذها، وقد أصبت أثرها في قدمي وكذلك ابني أصيب وابنتي اصيبت في ظهرها، وخسرنا كل ما نمكل.
وتابع يحيى حديثة خرجنا إلى مستوصف بمديرية الدريهمي لتلقي الإسعافات الأولية، ثم قال بتلعثم كنا في حالة رعب في رعب في رعب في رعب… ولا ندري من أين سادتنا تلك الحالة.
وخلف القصف الحوثي واقعاً ماساوياً في الحديدة تمثل في فقدان الكثير من المدنيين منازلهم ومزارعهم ومصادر دخلهم، وانتشار ظاهرة الأيتام والأرامل في أوساط الأطفال والنساء، وآخرين أصبحوا في العراء وكتب عليهم ان يعيشوا بقية حياتهم بأعاقات دائمة كحال امون.