ما تداعيات حكم إعدام زعيم الحوثيين على مفاوضات الأزمة اليمنية؟

2021-08-27 21:16:57



لأول مرة منذ انقلاب الحوثيين في اليمن، وبعد مرور نحو 7 سنوات، بات زعيم الجماعة المتمردة عبد الملك الحوثي، وعشرات من قيادات الصف الأول عسكرياً وميدانياً، مطلوبين للعدالة اليمنية بتهمة ارتكاب جرائم قتل بحق اليمنيين.

ومع إعلان محكمة عسكرية يمنية تتبع الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً بمنطوقٍ يقضي بإعدام الحوثي ورجالاته، يبدو أن الأزمة اليمنية تمضي نحو مشهد جديد قد يغير في التحركات السياسية الدولية لإنهاء الحرب.

ولم تصدر جماعة الحوثي أو أي جهة دولية، ومن ضمنها السعودية التي تقود تحالفاً عسكرياً في اليمن، أي تعليق رسمي حتى لحظة كتابة هذا التقرير، وسط تساؤلات عما إن كان ذلك قد يوقف تلك المفاوضات التي يقودها المجتمع الدولي، خصوصاً الأمم المتحدة وأمريكا.

حكم إعدام
في 25 أغسطس 2021، أصدرت محكمة عسكرية تتبع "الحكومة الشرعية" حكماً غيابياً بالإعدام رمياً بالرصاص على عبد الملك الحوثي، قائد جماعة الحوثيين المدعومة من إيران، إضافة إلى إعدام 173 شخصاً آخرين، ومصادرة جميع أموالهم.

وحسبما جاء في تقرير نُشر على موقع وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، فإنّ "النيابة العامة العسكرية اتهمت عبد الملك بدر الدين الحوثي و173 آخرين بالانقلاب العسكري على النظام الجمهوري والسلطات الشرعية والدستورية، والتخابر مع دولة أجنبية (إيران)، وارتكاب جرائم عسكريّة وجرائم حرب".

كما قضت المحكمة بتصنيف "جماعة الحوثي منظمة إجرامية إرهابية، وحظر أنشطتها وحلها ومصادرة جميع ممتلكاتها، ونزع جميع الأسلحة والذخائر والعتاد العسكري منها، وتسليمه إلى وزارة الدفاع".

ومن المحكومين بالإعدام حسن إدريس إيرلو (سفير إيران لدى الحوثي)، وهو إيراني الجنسية، تهمته الدخول متنكراً إلى اليمن والتجسس و"الاشتراك في الجرائم مع العدو الحوثي، وارتكاب جرائم عسكرية وجرائم حرب". وطلبت المحكمة مقاضاة إيران أمام القضاء الجنائي الدولي "لثبوت اشتراكها مع جماعة الحوثي في الجرائم محل الدعوى".

حيثيات القرار
لخص الحكم الذي قالت المحكمة: إنه "مبني على الأدلة والوثائق والشهود من الضحايا وغيرهم، ما يمر به اليمن منذ ما يقرب من سبع سنوات من انقلاب دموي عنصري، سعى ويسعى إلى تقويض الحياة، وإن حق هؤلاء المجرمين هو سلب الحياة منهم وفق ميزان العدالة؛ لارتكابهم آلاف الجرائم الجسيمة".

وفتح الحكم القضائي بحق زعيم الحوثيين الباب لمحاكمة داعمته إيران أمام القضاء الجنائي الدولي، وذلك لاشتراكها مع الحوثيين فيما أطلق عليها اسم "الجرائم التي ارتكبت ضد اليمنيين".

وعقب هذا الحكم لم يعد أمام الحكومة اليمنية الرسمية سوى البدء مع أجهزتها المختلفة "بملاحقة من حكم عليهم عبر الإنتربول الدولي، خصوصاً من يوجد من قيادات الحوثيين خارج البلاد".

وبالفعل فقد أعلن وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في 26 أغسطس، إجراءات لملاحقة قيادات في جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، الذين يوجدون خارج اليمن، عبر الشرطة الدولية "الإنتربول"، بعد صدور أحكام قضائيه بحقهم.
وقال الإرياني عبر سلسلة تغريدات على موقع "تويتر": إن الحكومة "بصدد اتخاذ إجراءات في هذا الشأن؛ منها مخاطبة الإنتربول الدولي لتسليم قيادات مليشيات الحوثي الذين يوجدون خارج اليمن، وقد شملهم الحكم الصادر بإعدامهم"، مشيراً إلى أنها "خطوة في الاتجاه الصحيح، وانتصار لدماء وجراحات ومعاناة ملايين اليمنيين".

لكن اللافت حتى الآن أن جماعة الحوثي، إضافة إلى الجهات الدولية، لم يصدر منها أي تعليق، على الحكم الغيابي الذي جاء في وقت تنشط فيه الجهود الدبلوماسية الدولية بهدف إنهاء الحرب اليمنية المستعرة منذ سبع سنوات.

لا تداعيات ولكن!
يقول الصحفي اليمني عبد الله المنيفي في تعليقه على حكم الإعدام: "رغم أنها المرة الأولى التي يقول فيها القضاء كلمته في قادة الانقلاب الحوثي، لكنها كانت خطوة مطلوبة، ومطلباً لأنصار الشرعية اليمنية منذ سنوات".

واستبعد المنيفي، أن تكون تداعيات حكم الإعدام كبيرة في ظل محاكمة متهمين غيابياً، إلا في حال تصعيد عسكري للجيش باتجاه صنعاء.

ويشير إلى أن قرار الإعدام لن يؤثر على سير المفاوضات، فقد سبق أن أصدر الحوثيون قرارات من محاكم يسيطرون عليها بإعدام قيادات في الشرعية، ولم يؤثر هذا القرار على الحديث عن مفاوضات.

ويرى أن حكم المحكمة العسكرية كان ضرورة لمحاكمة قادة انقلاب دموي، وهو من البديهيات، وتأخره إلى هذا الوقت قد لا يعني وضع اعتبار للجهود الدولية الساعية لإيقاف الحرب عبر مفاوضات شاملة، لكنه يعني بالضرورة أن القضاء الشرعي قال كلمته التي تأخرت لأسباب سياسية واعتبارات دولية، لكنها ليست موضوعية.

وشدد المنيفي على أن ما سيؤثر على سير أي مفاوضات قادمة لإنهاء الحرب هو الوضع العسكري والتأثير السياسي الإقليمي والدولي على الصراع في اليمن، والذي يتجلى في استمرار الانقلاب الحوثي الذي يعكس عدم رغبة دولية في إنهائه.

الدبلوماسية الدولية
ولا تزال الأزمة السياسية في اليمن تراوح مكانها، على الرغم من تعيين الأمم المتحدة ثلاثة مبعوثين، لم يتمكنوا من إيجاد تسوية عاجلة للصراع الدائر منذ 2014، ليكون اليمن على موعدٍ مع تعيين مبعوث أممي رابع.

ولعل القرار الذي أصدرته المحكمة اليمنية جاء بعد نحو أسبوعين فقط من تعيين الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الدبلوماسي السويدي هانس غروندبيرغ مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، الذي تواجه خبرته التي تصل إلى نحو 20 عاماً إحدى أشد الأزمات تعقيداً على مستوى العالم.
وتصر الحكومة اليمنية بدورها على ضرورة تحقيق السلام بناءً على المرجعيات الثلاث؛ المتمثلة بنتائج مؤتمر الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية، وقرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصاً القرار "2216"، الذي ينص في أهم بنوده على ضرورة انسحاب الحوثيين من المناطق التي سيطروا عليها، وضمنها صنعاء.

أما الحوثيون فمن جانبهم يشددون على رفضهم تلك المرجعيات، ويشترطون وقف الغارات الجوية لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية قبل عقد أي مفاوضات مقبلة، وإعادة فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات المدنية.

ويشهد اليمن حرباً منذ نحو 7 سنوات، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80٪ من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

(الخليج أونلاين)


تابعونا علي فيس بوك