انطباع شخصي حول زيارتي لمدينة #تعز

بقلم/ فواز الحنشي

زيارتي إلى محافظة تعز كانت بمثابة نافذة أطلّيتُ من خلالها على قصة مدينة تتحدث بأعلى صوتها عن العزيمة والإصرار..
فمنذ اللحظة الأولى التي وطأت فيها قدمي شوارعها (شارع 26 سبتمبر ، و شارع جمال) شعرت بأنني أسير في مدينة حيّة، نابضة بالحركة والنشاط رغم الحصار الخانق المفروض عليها من جماعة الحو.ثي الذي أغلقت فيه المنافذ بين مناطق سيطرتها والمناطق المحررة عدا منفذ الحوبان الذي فُتح مؤخراً ويعمل من الساعة 6 صباحاً حتى الساعة 7 مساءً، ومنفذين أحدهما شمالي مع محافظة لحج، ومنفذ آخر غربي مؤدي إلى مدينة المخا الساحلية (مسافات بعيدة يتجاوز السير فيها 3 ساعات).

لكن الحياة في تعز لا تعترف بالحصار، فالأسواق مكتظة، وحركة السيارات، والدراجات النارية بشكل خاص لا تهدأ حتى وقت متأخر من الليل، فما تكاد تهدأ قليلاً حتى تعود مع ساعات الفجر الأولى بشكل مزعج يصم الآذان.

ما شدّني أكثر في المدينة جوها الساحر والأثير، شتاء بارد يلفها من كل جانب، ونسيم عليل يلامس الوجه برفق وحنيّة لا تُقاوم، والشمس تداعب قمم الجبال التي تحيط بالمدينة كأنها حارس مخلص لها (جبل صبر ، و قلعة القاهرة)، الطبيعة هنا تأسر القلب مع اكتساء التلال باللون الأخضر وهطول المطر خصوصا عند وصولنا، والطبيعة هنا تأسر الروح وتجعل القلب يرقص طربًا.

ورغم هذا البهاء، لا يمكنك تجاهل جحيم الحرب التي عاشتها المدينة حيث ما تزال آثارها ماثلة للعيان في كل حي من أحيائها السكنية، كشاهد جلي على شراسة المعركة التي اندلعت بداية العام 2015م، وحررت فيها المقاومة حوالي 17 مديرية من أصل 23 مديرية.

قاتل أبناءُ تعز الحوثي ببسالة ودفعوا لقاء ذلك ثمناً غالياً، ومن المعيب عندما يقلل البعض من حجم التضحيات أو يسخر منها، لأن ذلك يعني الاستهانة بدماء مئات الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء كي تتحرر مدينتهم من رجس المليشيات الحو.ثية.

وهناك أمر آخر.. أثار دهشتي أيضاً هو غياب المتسولين في الشوارع كما هو الحال في عدن، وهو أمر نادر في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد ككل، ورغم الكثافة السكانية الكبيرة في تعز، يبدو أن روح العمل هي التي تسود وكما أخبراني بذلك الأخوين المحامي توفيق الشعبي، والشيخ عبدالعليم الفائشي.
أيدي أبناء هذه المدينة لا تعرف الكلل، فهم يحولون كل فرصة إلى مصدر رزق، ويثبتون أن العزة ليست مجرد اسم للمدينة، بل أسلوب حياة يعتمدون فيه على أنفسهم في ظل غياب أو ضعف الدولة.

ولا أبالغ إن قلت أن تعز ليست مجرد مدينة؛ إنها رمز للصمود، وجمالها لا يكمن فقط في طبيعتها، بل في روح أهلها الذين يتحدون المستحيل، إنها مدينة تستحق أن تُحترم وتُعشق وتشد الرحال إليها للفسحة أفرادًا وجماعات.

*في تعز لوحات عملاقة - في أغلب الشوارع - تحمل صورة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي نُصبت قبيل زيارته للمدينة وكتبت عليها عبارات تؤكد صمود المدنية وبقائها عصيّة أمام آلة القمع الحو.ثية.

 

مصدر هذا الخبر وقع محافظة الحديدة:
https://yemen-online.club
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://yemen-online.club/?no=95184