عدن ـ نافذة اليمن ـ الاتحاد الإماراتية
في الوقت الذي تؤكد فيه القوى الدولية الكبرى على ضرورة السعي لتحويل الهدنة السارية حالياً في اليمن إلى خطوة أولى على طريق إيجاد وقف دائم لإطلاق النار هناك، يجمع المحللون الإقليميون والغربيون، على أن ميليشيات الحوثي الإرهابية اضطرت بقبول التهدئة، إثر الهزائم التي مُنيت بها على جبهات قتال رئيسة، على مدار الأشهر القليلة الماضية.
واعتبر المحللون أن مجريات المعارك منذ مطلع هذا العام في محافظتيْ مأرب وشبوة تحديداً، لعبت دورا لا يُستهان به في دفع العصابة الانقلابية، باتجاه التفاعل إيجابياً، مع الجهود الأممية التي أفضت لإعلان الهدنة الحالية، وذلك بعدما حققت القوات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وحلفاؤها، انتصارات متتالية في هاتين المنطقتين الاستراتيجيتين، وهو ما أدى لقلب موازين المشهد الميداني.
وفي تصريحات نشرها موقع «ذا باهارات إكسبريس نيوز» الإلكتروني، قال المحللون: إن هذه الهزائم دفعت المسلحين الحوثيين، لإدراك أنه لم يعد بوسعهم تحقيق أي تقدم على الأرض، خاصة عقب سيطرة الحكومة الشرعية اليمنية، على محافظة شبوة الغنية بالنفط في وقت سابق من العام الجاري.
تزامن ذلك مع فشل المحاولات الحوثية المستميتة والمستمرة منذ فبراير 2021، للاستيلاء على مأرب، الزاخرة بدورها بموارد الطاقة، والتي باتت تشكل المعقل الرئيس للحكومة في شمال اليمن، ولا تبعد أكثر من 170 كيلومتراً عن العاصمة صنعاء، وهو ما أوصل الحملة العسكرية للميليشيات الانقلابية في هذه المحافظة إلى طريق مسدود.
وتعكس هذه التصريحات رؤية سائدة لدى الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي قال مبعوثها الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينج عقب إعلان الاتفاق على الهدنة، إن التوصل إليها جاء نتيجة حدوث تغيير في الوضع الميداني، ناجم عن إدراك الميليشيات الحوثية، أنه ليس بمقدورها تحقيق أي نصر عسكري.
ويرجح المحللون أن تصمد الهدنة طوال شهر رمضان على الأقل، نظراً لـ«أن المسلحين الحوثيين في حاجة إليها»، وكذلك لأنها تمثل فرصة تصفها مختلف الأطراف بالنادرة، لإيصال المساعدات الإنسانية لملايين اليمنيين، والتخفيف من معاناتهم، جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات.
وبحسب تقديرات مستقلة، أسفر الصراع الذي أشعله الانقلاب الدموي الحوثي في اليمن عام 2014، عن مقتل مئات الآلاف من الأشخاص هناك بشكل مباشر أو غير مباشر، فضلا عن إجبار ملايين اليمنيين الآخرين على النزوح من ديارهم، وجعل البلاد بأسرها فريسة لأسوأ أزمة إنسانية في العالم بأسره، بعدما أصبح ما لا يقل عن 80 في المئة من مواطنيها، يعتمدون على المساعدات الخارجية.
لكن خبراء في الشأن اليمني أعربوا في الوقت نفسه عن تخوفهم من إمكانية انهيار «هدنة الشهرين» قبل أن تستكمل مدتها، وذلك في ظل التجارب الفاشلة التي شهدتها السنوات الماضية، لوقف إطلاق النار في اليمن، خاصة ما حدث في عاميْ 2016 و2018، بفعل تشبث الميليشيات الحوثية بمواقفها المتعنتة، التي أجهضت الكثير من المبادرات السلمية في السابق.
ويرى الخبراء أن الهدنة السارية في اليمن منذ يوم السبت الماضي، تشكل اختباراً لـ«الثقة الهشة» القائمة بين مختلف الأطراف، ولكنها قد تمثل أساساً لإطلاق عملية سياسية تفضي في نهاية المطاف، لبلورة تسوية متفق عليها على طاولة التفاوض، وهو ما عبر عنه قبل أيام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الذي لعبت منظمته الدور الأبرز، في الوقف المؤقت للمعارك على التراب اليمني.
ويعتبر المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس جروندبرج الهدنة بمثابة فرصة لبدء محادثات سلام شاملة بين الفرقاء اليمنيين، والشروع في التعامل مع المشكلات الاقتصادية المترتبة على استمرار المعارك.