وللوقوف على طبيعة الموقف من داخل العاصمة الأوكرانية، كييف، وأوضاع الجاليات العربية هناك، يقول سالم حنون، الخبير في الشؤون الأوكرانية في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "الوضع حتى الآن مستقر نسبيا، ولا يوجد أي خروج يذكر من قبل أبناء الجاليات العربية المقيمين في أوكرانيا، التي تضم أكثر من 30 ألف مواطن عربي، موزعين على مختلف الدول العربية، ويقيم منهم في العاصمة كييف قرابة 5 آلاف، وتتصدر هذه الجاليات من حيث العدد، السورية والعراقية والمصرية والفلسطينية، وهناك تكامل وتعاون بين العديد من هذه الجاليات العربية، حيث يتم تنظيم عدة نشاطات وفعاليات مشتركة دورية وموسمية، تؤطرها لجنة التنسيق بين هذه الجاليات، وهي أكبر تجمع للعرب في أوكرانيا".
الجاليات العربية هنا فتية جدا، حسب حنون الذي يضيف: "معظم أبنائها هم ممن كانوا طلاب الجامعات الأوكرانية عندما كانت البلاد جمهورية ضمن الاتحاد السوفييتي السابق، وبقوا فيها مع وفود بعض اللاجئين وبعض رجال الأعمال العرب فيما بعد في التسعينيات وما بعدها، مع ملاحظة أن أوكرانيا لا تشكل مقصدا كبيرا عادة للاجئين نظرا لأوضاعها الاقتصادية المتأخرة قياسا باقتصاديات دول أوروباالغربية مثلا".
ويمضي الباحث المختص في الحديث عن أوضاع الجاليات العربية في أوكرانيا، بالقول: "ثمة قسم كبير من العائلات العربية هنا هي مختلطة بمعنى أن الأب عربي والأم أوكرانية، وغالبية هذه الزيجات تتم بين طلاب عرب وزميلاتهم الأوكرانيات، ولهذا ثمة قسم كبير من العرب حاصلون على الجنسية الأوكرانية، والبقية طبعا يعيشون ويعملون هنا وفق إقامات دائمة".
معظم العرب هنا ولا سيما المتخرجون في أوكرانيا، وفق حنون: "يعملون في قطاعات مهنية علمية مهمة، كمجالات الطب والهندسة وغيرها من التخصصات المرموقة، وتم في هذا المضمار تكريم العديد من الأطباء العرب الذين وصلوا لمراكز متقدمة، على مستوى رئاسة الجمهورية الأوكرانية حتى، ومنهم من أصبحوا رؤساء أقسام في المستشفيات الأوكرانية، فضلا عن وجود كوادر وكفاءات أكاديمية عربية تدرس بالجامعات هنا".
من جانبه، يقول وائل العلامي، مدير مركز الرائد الإعلامي في العاصمة الأوكرانية كييف، في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "الجالية العربية جزء من المجتمع الأوكراني وإن كنا أقلية عدديا لكن ما يجري للشعب الأوكراني يجري علينا، وانعكاسات الأزمة تطال الجميع هنا، لكن الانعكاس على الجاليات العربية كان أكبر من انعكاسها على الأوكرانيين، بسبب أن الإعلام هنا لم يستنفر ولم يقم بتغطية الأزمة".
"فالقنوات الأوكرانية كانت تبث برامجها كالمعتاد وفي مواعيدها المحددة دون وجود تغطيات خاصة ومباشرة"، كما يشرح العلامي، مضيفا: "بمعنى لم يكن هناك تحشيد إعلامي هنا، بل على العكس الإعلام كان يظهر الأمور كما لو أن الأزمة هي روسية غربية وليست روسية أوكرانية".
وتابع: "الحياة طبيعية جدا هنا، ولا توجد حتى مؤشرات لبوادر حرب، ولا هلع أو خوف بين الناس بتاتا".
وأوضح المتحدث أن العديد من الطلاب العرب تواصلوا معه "لطلب النصيحة والمشورة.. هل يغادرون أوكرانيا أم يبقون؟ فقلت لهم أن الأمر لا يستدعي الخروج من البلاد وأن ما يدور لحد الآن مجرد حرب كلامية وإعلامية ولا مؤشرات على تحولها لفعلية، فالحشود العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية ليست كافية للجزم بوقوع الغزو الروسي. أما العرب المتجنسون وغالبيتهم مقيمون عائليا، ممن لديهم أملاكهم وأعمالهم، فهم كجزء من المجتمع ليست لديهم أي نية لمغادرة أوكرانيا، أما المقيمون العرب بشكل مؤقت كرجال الأعمال فقد غادر الكثيرون منهم".