تتعدد المعايير المعتمدة من الولايات المتحدة الأمريكية والدول والمؤسسات القانونية الدولية التي تؤدي إلى تصنيف كيان ما "منظمة إرهابية"، لتبدأ بعده عملية عزله من خلال إتخاذ سلسلة إجراءات وعقوبات سياسية وإقتصادية لكبح نشاطه وتهديداته الإرهابية .
وتوزعت تلك المعايير بين جرائم الحرب والقتل والإنتهاكات الإنسانية بمختلف أنواعها، ومنها عرقلة وصول المساعدات الغذائية المقدمة من المنظمات الدولية من خلال نهبها أو تحويلها إلى غير مستحقيها، وجميع هذه الجرائم إرتكبتها الميليشيات الحوثية الإنقلابية في اليمن بحق المدنيين الذين باتوا على شفا مجاعة مرتقبة في ظل صمت وتغاضي المجتمع الدولي الذي يرفض حتى الآن تصنيف هذه الميليشيات كمنظمة إرهابية .
وتتخذ الولايات المتحدة والدول العظمى من "عرقلة وصول المساعدات الإنسانية" ذريعة لتجنيب الحوثي هذا التصنيف، في وقت يؤكد فيه الواقع والتقارير الدولية أن هذه الجريمة ترتكبها الميليشيات منذ أعوام وزادت على ذلك أن قيدت حركة المنظمات الإنسانية الأممية ومنعتها من إيصال مساعداتها إلى المستفيدين .
فهناك عشرات البيانات والتصريحات الصادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي والإعلام الأجنبي، تؤكد جميعها قيام الميليشيات الحوثية بمنع المساعدات الإنسانية عن المدنيين .
وأعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في أبريل 2020م تخفيض المساعدات الإنسانية المقدمة إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن إلى النصف، بسبب مخاوف من أن سلطة الحوثيين قد عرقلت توزيع بعض شحنات المساعدات.
فيما إتهم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في أكثر من إحاطة قدمها إلى إجتماع مجلس الأمن الدولي، مليشيات الحوثي فرض قيود كبيرة على إيصال المساعدات الإنسانية لليمنيين.
وكان آخر تلك الإتهامات في إحاطة القائم بأعمال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "راميش راجا سينغهام"، الى مجلس الأمن في يناير الماضي، حيث قال إن الحوثيين يفرضون قيوداً على عمال ونشطاء "الإغاثة" في مناطق سيطرتهم .
وعزز فريق الخبراء التابع للامم المتحدة بشأن اليمن في تقريره الأخير هذه الإتهامات، حيث ورد في التقرير أنه تم توثيق العديد من الإنتهاكات الحوثية بحق العمل الإنساني ابرزها تهديد الأسر في مناطق سيطرتها بشطب اسمها من قائمة المستفيدين من المساعدات الإنسانية إذا رفضت تجنيد أطفالها.
وتحدث التقرير عن إمتلاك فريق الخبراء ادلة على سوء معاملة مليشيا الحوثي لمنظمة إنسانية محددة ومضايقتها وعرقلتها باستمرار بغرض إجبارها على تغيير سياستها، إلى جانب إنتهاكاتها بحق العاملين في المنظمات الإنسانية شملت العنف البدني والاختطاف والاحتجاز التعسفي ومنع الدخول وطرد كبار الموظفين وتقييد حركة الموظفين والإمدادات والتدخل في الأنشطة واختيار مقدمي الخدمات.
وإزاء ذلك، يشدد حقوقيون وقانونيون على ضرورة تصنيف الميليشيات الحوثية "منظمة إرهابية" نظير جرائمها بحق المدنيين والتي وصلت إلى حد حرمانهم من الغذاء ودفعهم نحو المجاعة .. لافتين إلى ما تضمنته إتهامات المنظمات الأممية وتقرير فريق الخبراء ينسف ذريعة أن تصنيف الميليشيات سيعرقل وصول المساعدات الإنسانية .
كما شددوا على ضرورة وضع حد لإستغلال الميليشيات الحوثية الملف الإنساني للهروب من إلتزاماتها والتغطية على جرائمها الإرهابية التي لم تتوقف عند المدنيين، بل طالت دول الجوار كالسعودية والإمارات، والملاحة الدولية من خلال القرصنة على السفن المارة قبالة شواطئ الحديدة .