وأكد محللون أن الإدارة الأميركية باتت تؤرقها التصدعات السياسية التي أفرزتها نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
مفهوم الإرهاب المحلي يشمل، وفقا للقانون الأميركي، "الأنشطة التي تنطوي على أعمال خطرة على حياة الإنسان، وتنتهك القوانين الجنائية للولايات المتحدة أو أي ولاية منفردة، وتبدو أنها تهدف إلى ترهيب أو إكراه السكان المدنيين، للتأثير على سياسة الحكومة عن طريق الترهيب أو الإكراه، أو التأثير على سلوك الحكومة عن طريق الدمار الشامل أو الاغتيال أو الاختطاف، وتحدث في المقام الأول ضمن الولاية القضائية الإقليمية للولايات المتحدة".
ونهاية الشهر الماضي، حذر 3 جنرالات أميركيين متقاعدين من أن تمردا آخر أكثر عنفا من اقتحام الكابيتول قد يحدث بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2024، وقد يكون بـ"تحريض من الجيش".
كما حذرت مجلة "نيوزويك" الأميركية من جمهوريين موتورين وصفتهم بـ"قنبلة موقوتة" تستهدف مبنى الكابيتول تغذيهم المعلومات المضللة المنسوجة بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، لافتة إلى أنهم "مسلحون جيدًا".
أسباب الإنشاء والمهام
وقال ماثيو أولسن، المدعي العام المساعد لقسم الأمن القومي بوزارة العدل الأميركية، إن "إدارة الرئيس جو بايدن تنشئ وحدة جديدة في وزارة العدل للتصدي للإرهاب المحلي في أعقاب هجوم الكابيتول العام الماضي، الذي شنه أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب".
وحول أسباب إنشائها، أضاف أولسن خلال كلمته في جلسة استماع أمام اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ: "إننا نواجه تهديدًا متزايدًا من المتطرفين العنيفين المحليين، أي الأفراد في الولايات المتحدة الذين يسعون إلى ارتكاب أعمال إجرامية عنيفة لتعزيز أهداف اجتماعية أو سياسية محلية".
وعن مهامها، أوضح أن "الوحدة الجديدة ستتمركز في قسم الأمن القومي وستعمل على ضمان التعامل مع هذه القضايا بشكل صحيح وتنسيقها بشكل فعال، في جميع أنحاء الوزارة وفي جميع أنحاء البلاد".
وفي 6 يناير 2021 وقعت أحداث "اقتحام الكابيتول"، بعدما هاجم أنصار ترامب مبنى الكونغرس، مشككين في نزاهة الانتخابات التي فاز بها المرشح الديمقراطي بايدن، وأدت أعمال العنف إلى وقوع خسائر بشرية ومادية.
انقلاب قادم
وفي نهاية ديسمبر الماضي، نشر الجنرالات بول إيتون وأنطونيو تاغوبا وستيفن أندرسون، مقالا حذروا فيه من احتمال "نجاح انقلاب في المرة القادمة".
وفي مقابلة مع "الإذاعة الوطنية العامة"، قال إيتون، وهو لواء متقاعد بالجيش الأميركي: "رجحنا حدوث هذا الأمر بعدما تابعنا كيف أن 124 من الجنرالات والأدميرالات المتقاعدين وقعوا رسالة يشككون من خلالها في انتخابات 2020.. نحن قلقون بشأن ذلك".
وأضاف: "نحن مهتمون برؤية تدابير مطبقة للتأكد من أن جيشنا مستعد بشكل أفضل لانتخابات متنازع عليها، إذا حدث ذلك في عام 2024".
وأشار إيتون إلى أن احتمال حدوث انقلاب بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة "ضئيل"، لكنه عاد ليؤكد أنه "احتمال قائم ويجب أن نستعد له".
وكان 124 جنرالا متقاعدا بالقوات المسلحة الأميركية قد شككوا، في رسالة مفتوحة، في حالة الرئيس الحالي جو بايدن النفسية والبدنية، وأثاروا تساؤلات حول الانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 2020.
إسقاط الحكومة بالقوة
ونهاية الشهر الماضي، التقت مجلة نيوزويك أحد المحاربين القدامى يدعى "مايك نيزناني" بعدما شهدت آراؤه التحريضية على مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلًا كبيرًا، فمنشوراته على موقع "كورا" للتواصل الاجتماعي حصدت أكثر من 4 ملايين مشاهدة بشكل عام.
المحارب الأميركي واحد من العديد من الجمهوريين العاديين الذين يمتلكون الأسلحة، وفي الأشهر الأخيرة تحدثوا بصراحة عن الحاجة إلى إسقاط، بالقوة إذا لزم الأمر، حكومة فيدرالية يرون أنها غير شرعية، ومبالغة في الحد من الحرية الأميركية، وفق المصدر ذاته.
ويقول نيزناني إن الملايين من زملائه المحتملين للتمرد سيكونون هناك أيضًا، وهم بمثابة "قنبلة موقوتة" تستهدف مبنى الكابيتول، "هناك الكثير من الأشخاص المسلحين بالكامل يتساءلون عما يحدث لهذا البلد. هل سنسمح لبايدن بمواصلة تدميرها؟ أم أننا بحاجة للتخلص منه؟ سنأخذ الكثير قبل أن نقاوم.. انتخابات عام 2024 قد تكون الدافع".
انقسامات وتصدعات
الأكاديمي المتخصص بالشؤون الدولية، سمير الكاشف، قال إن محاولة اقتحام الكابيتول كشفت حجم التحديات التي باتت تواجه النظام السياسي الأميركي، فالانقسامات والتصدعات السياسية التي أفرزتها نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة فاقت كل التوقعات.
وأضاف الكاشف، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن ما جرى في 6 يناير 2021 يعد حدثا استثنائيا في تاريخ الولايات المتحدة، وكان بمثابة جرس إنذار من احتمالية تفكك الولايات المتحدة رغم صعوبته إلا أن الحريق يبدأ دائما بشرارة ومن ثم إن لم تكن هناك قوة تحمي الديمقراطية وتحصنها فهي في وضع غير آمن.
وأشار إلى أن الانتخابات الماضية أحدثت انقسامات حتى داخل الجيش وهو ما دفع عشرات الجنرالات للتشكيك فيها ومن ثم ترسيخ الاعتقاد المتزايد بين العديد من الجمهوريين بأن الحكومة الفيدرالية هي طغيان غير شرعي يجب الإطاحة به بأي وسيلة ضرورية.
وفي نوفمبر، كشف استطلاع رأي أجرته فضائية "بي بي إس" أن الديمقراطيين يشعرون بالقلق من أن قمع الناخبين والتدخل في الانتخابات من جانب مسؤولي الدولة الجمهوريين، حَرَمَا ملايين الأميركيين من آرائهم في مراكز الاقتراع، ويمثلان أكبر تهديد للانتخابات الأميركية.
فيما يزعم الجمهوريون أن الديمقراطيين قد تلاعبوا بالفعل في فرز الأصوات من خلال التزوير لسرقة الانتخابات الرئاسية، فوفق استطلاع لشبكة "سي إن إن"، فإن أكثر من 3 أرباع الجمهوريين يعتقدون أن فوز بايدن في انتخابات عام 2020 كان مزورًا.