نص إحاطة المبعوث الأممي الخاص لليمن إلى مجلس الأمن


 

 سيدتي الرئيسة، اسمحي لي أن أبدأ بتهنئة الأعضاء المنتخبين الجدد لهذا المجلس، وأتطلع للتعاون عن قرب معهم ومع جميع الدول الأعضاء في المجلس.

 

السيدة الرئيسة، تُستَهل سنة 2022 بتحديات جمة. فقد تسارعت وتيرة التصعيد العسكري الذي وصفته في هذا المجلس الشهر الماضي، حيث ازداد تمسك الأطراف بالخيارات العسكرية. فبعد سبع سنوات من الحرب، يبدو أن الاعتقاد السائد لدى جميع الأطراف المتحاربة هو أن إلحاق ما يكفي من الضرر بالآخر سيرغمه على الخضوع. إلا أنه لا يوجد حل مستدام طويل الأمد يمكن التوصل إليه في ساحة المعركة.  لذلك، سأستمر في التأكيد على أن الأطراف المتحاربة يمكنها، بل ويجب عليها، التحاور مع بعضها البعض حتى لو لم تكن مستعدة لوضع أسلحتها.

 

قبل أن أنتقل للحديث عن مهمتي الأساسية المتمثلة في إيجاد سبيل لإجراء محادثات سياسية لإنهاء القتال بصورة مستدامة، أجد نفسي مضطرًا إلى تسليط الضوء على بعض أحداث التصعيد العسكري في الأسابيع الأخيرة والتي كانت من بين أسوأ ما شهدناه في اليمن منذ سنوات، والتي يتزايد وطؤها على حياة المدنيين.

 

لا تزال أنصار الله مصممة على مواصلة هجومها على مأرب. كما تجدد القتال في شبوة، حيث تمت السيطرة على ثلاث مديريات كانت تحت سيطرة أنصار الله سابقًا. كما رأينا زيادة في الضربات الجوية، ليس فقط حول خطوط المواجهة، بل وأيضًا في صنعاء، بما تضمن مناطق سكنية. وقد ازدادت الهجمات الجوية والقصف في تعز، واستمر القتال في جنوب الحديدة. كما تزايدت الهجمات على المملكة العربية السعودية.

 

وقد أدت جميع هذه الأحداث إلى المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين وإلى إلحاق أضرار بالبنية التحتية المدنية. وبالإضافة إلى دعواتي المتكررة إلى خفض التصعيد وضبط النفس، أكرر أيضًا ندائي للأطراف المتحاربة لاحترام التزاماتهم طبقًا للقانون الإنساني الدولي بما يشمل حماية المدنيين والمنشآت والأعيان التي يحميها القانون الدولي. كما أدعو كل الجهات إلى الحفاظ على الطابع المدني للبنية التحتية العامة.

 

السيدة الرئيسة، يبدو أننا ندخل مرة أخرى في دورة تصعيدية تترتب عليها آثار مدمرة يمكن التنبؤ بها بالنسبة للمدنيين وبالنسبة لفرص تحقيق السلام الحالية. ويقلقني احتمال زيادة حدة المعارك في جبهات أخرى. إن حجز أنصار الله مؤخرًا لسفينة ترفع علم الإمارات هو مبعث آخر للقلق. كما يؤسفني أن أعبر مرة أخرى عن إحباطي بشأن استمرار احتجاز موظفين للأمم المتحدة في صنعاء ومأرب. يجب أن يكون لدى الأمم المتحدة إمكانية الوصول الفوري إلى هؤلاء الموظفين وأن يتم تزويدها بالمعلومات الرسمية المتعلقة باحتجازهم.

 

سيدتي الرئيسة، مع تصاعد وتيرة الحرب، قد يزداد سوء القيود الصارمة بالفعل المفروضة على حركة الناس والسلع إلى البلد وداخلها. إن اتهامات استخدام موانئ الحديدة لأغراض عسكرية تثير القلق، كما أن التهديدات بمهاجمة هذه الموانئ تبعث على القلق بنفس القدر لأنها تمثل شريان حياة للعديد من اليمنيين.

 

 تراقب بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (UNMHA) الوضع في الموانئ عن كثب، وطلبت البعثة كجزء من ولايتها إجراء تفتيش. وبعد انسحاب القوات المشتركة في الثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر، تواصل البعثة التحاور مع الأطراف وغيرهم من المحاورين للتوصل إلى طريقة للمضي قدمًا.

 

 أود أن أغتنم هذه الفرصة لأرحب بتعيين اللواء مايكل بيري رئيسًا جديدًا لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، حيث يوفر تعيينه الفرصة للبناء على هذه الجهود، ومعالجة مخاوف الأطراف وتحقيق التقدم في اتفاق الحديدة في هذا السياق المتغير.

 

اسمحوا لي أن أعيد التأكيد على أن القيود المفروضة على حركة السلع والأفراد تشكل تحديًا في جميع أنحاء اليمن. إن استمرار فرض إغلاق الطرق ونقاط التفتيش، في جميع أنحاء البلاد، فضلاً عن استمرار العوائق التي تعترض الاستيراد والتوزيع المحلي للسلع الضرورية للمدنيين، بما في ذلك الوقود، يضر بالسكان بطرق لا يمكن تبريرها. في هذا الصدد، يقلقني أنه تم منح آخر تصريح لسفينة تحمل الوقود بتاريخ العشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر، 2021. وسيتحمل المدنيون اليمنيون الأثر الأكبر لنقص الوقود كما هو الحال دائمًا.

 

سيدتي الرئيسة، يسرني أن السيدة عُلا الأغبري تقدم إحاطة إلى المجلس اليوم. وكما سبق لي أن أبلغت هذا المجلس، كنت في مدينة تعز، مسقط رأس السيدة عُلا الاغبري، في تشرين الثاني/ نوفمبر. وهناك، شهدت بشكل مباشر التأثير الشديد الذي أحدثه إغلاق الطرق ونقاط التفتيش على السكان. وعلى نحو مماثل، كان إغلاق مطار صنعاء سببًا في منع اليمنيين في الشمال من السفر لما يقرب من ست سنوات، حتى من أجل الحصول على الرعاية الطبية المنقذة للحياة في الخارج، وهو وضع غير مستدام.

 

وكما سيتناول وكيل الأمين العام السيد راجاسينغهام بالتفصيل، فإن التحديات متعددة الأوجه التي تحيط بعمليات مطار صنعاء لها أيضًا عواقب بالغة الأهمية على عمليات الأمم المتحدة. تقع على القادة اليمنيين والإقليميين والدوليين مسؤولية معالجة هذه القضايا من أجل صالح اليمنيين، فقد عانوا بما فيه الكفاية من هذه القيود.

 

وتعاني النساء بشكل خاص من هذه القيود. بالإضافة إلى ذلك، وبالرغم من الجهود الحثيثة، يستمر استبعاد النساء من صنع القرار في الحرب والسلام. سيواصل مكتبي عقد مشاورات مع القيادات النسائية من الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والقطاع الخاص. و تشارك تلك المجموعات المتنوعة من النساء بشكل نشط في دعم وتحسين الحياة في اليمن بطرق مختلفة تتضمن دعم أسرهن ومجتمعاتهن المحلية، والعمل من أجل السلام، وتوفير الخدمات والسلع القيمة.

 

ورغم هذا، ما زلن يتعرضن للمضايقة والاستهداف بسبب عملهن. ولذلك، أحث جميع الفاعلين على احترام حقوق وعمل النساء الفاعلات في مجال السلام والمدافعات عن حقوق الإنسان. وأرحب بتركيز رئاسة المجلس على جدول أعمال المرأة والسلام والأمن الهام، لكننا جميعًا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد.

 

في حين أن التطورات على الأرض تشكل تحديًا كبيرًا لجهود السلام، فإن عملي لا يزال مستمرًا على الطريق الذي حددته من قبل في هذا المجلس. لقد بحثت طرقًا ملموسة للاستجابة للأولويات التي حددتها الاطراف ولفتح الباب أمام وقف إطلاق النار على مستوى البلاد من أجل إنهاء القتال. من المؤسف، ولكن من غير المستغرب، أن واجهت هذه الجهود نفس العقبات التي أعاقت جهودًا مماثلة في الماضي وهي: خلاف الأطراف حول التسلسل، وتضارب الأولويات، وغياب الثقة. ما زلت مقتنعًا بأن جزءً من التحديات يتلخص في أن الشروط المسبقة التي وضعتها الأطراف مرتبطة بقضايا سياسية وقضايا حوكمة أوسع نطاقًا.

 

وبناءً على ذلك، من الضروري أن يتم التوصل لحل سياسي شامل من أجل تحقيق نتائج مستدامة. وسيتطلب ذلك إجراء مناقشات صعبة مع الأطراف المتحاربة وفيما بينها، ومع غيرهم ممن تم إقصائهم خلال الحرب. إلا أنني سأستمر في بحث الخيارات من أجل تسريع خفض التصعيد إذا، وعندما، تكون الأطراف جاهزة للسعي من أجل تحقيق تلك الخيارات.

 

السيدة الرئيسة، لقد ركزت أيضًا على وضع نهج متعدد المسارات شامل وجامع يغطي القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية. يهدف هذا الإطار إلى تسهيل تحقيق التقدم التدريجي في هذه المجالات المختلفة بالتوازي. وستتجه العملية برمتها نحو التوصل إلى تسوية سياسية دائمة.

 

في الفترة المقبلة، أخطط لتعميق المشاورات مع أطراف النزاع، ومع مجموعة أوسع من أصحاب المصلحة اليمنيين، من أجل زيادة توضيح وتحديد الأولويات القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل التي تحتاج إلى معالجة في كل من هذه المجالات الثلاثة. نظرًا لازدياد تمزق البلاد سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، يجب دعم اليمنيين في عكس هذا المسار من خلال عملية جادة ومستدامة ومنظمة يدعمها المجتمع الدولي.

 

سيدتي الرئيسة، لقد مر  وقت طويل للغاية بدون عملية سياسية يمكن أن تفضي إلى خيارات لتحسين الظروف الفورية، ويمكن أن تهيئ أيضًا لتسوية واقعية ودائمة. المشاورات معي ومع مكتبي هي بداية، ولكنها لن تكون كافية لتسوية النزاع. في نهاية المطاف، يتعين على اليمنيين الذين يحملون وجهات نظر متعارضة أن يلتقوا لمناقشة الحلول وتقرير مستقبلهم المشترك.

 

سيدتي الرئيسة، إنني أدرك تمامًا السياق السياسي والعسكري الذي يحاول فيه مكتبي بدء عملية سياسية. إن الحرب في اليمن، مثلها مثل العديد من الحروب، مليئة بالفرص الضائعة التي يحركها جزئيًا مقاتلون يتأرجحون بين الشعور بأنهم أضعف أو أقوى من القبول بالتنازلات. هناك حاجة إلى إرادة سياسية حقيقية وقيادة مسؤولة والتزام بمصالح اليمنيين لوضع اليمن على مسار مختلف بشكل مستدام.

 

بالإضافة إلى ذلك، فإنني على اقتناع بأننا لكي نحظى بفرصة لكسر هذه الحلقة، فيتعين علينا أن نعمل على إنشاء عملية سياسية جامعة مدعومة دوليًا وقادرة على توفير أساس قابل للتطبيق للسلام. بينما أقوم بالاجتماع والتشاور مع اليمنيين حول طريق المضي قدمًا،  فإن الدعم الواضح والثابت من هذا المجلس، ومن الدول الأعضاء، ولا سيما دول المنطقة، سوف يظل حيويًا.

مصدر هذا الخبر وقع محافظة الحديدة:
https://yemen-online.club
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://yemen-online.club/?no=89090