فواز الحمادي
أقر الدستور اليمني حق التعليم لجميع المواطنين دون تمييز كما ورد في المادة (54)، وشدد على أن يكون التعليم في المرحلة الأساسية بشكل إلزامي للجميع، على أن تتكفل الدولة بإنشاء مختلف المدارس والمؤسسات الثقافية والتربوية، غير أن تهاني ومثلها الالاف من الفتيات اليمنيات لم يتمكن من الحصول على هذا الحق المكفول الذي يعد المعيار الحقيقي لتقدم الامم وحضارتها .
تقيم تهاني مع أسرتها في إحدى قرى مديرية المعافر وتشرح معاناتها بالقول ( أعيش في قرية بعيدة جدا عن المدرسة الوحيدة في المنطقة واحتاج وقتا طويلا للوصول الى المدرسة كما ان الطريق اليها وعرة جدا وبعد ان أكملت المرحلة الابتدائية توفي والدي و رفض أخي الأكبر مواصلة التعليم وبعد فترة وجيزة تقدم لخطبتي شاب من القرية المجاورة وتمت عملية الزواج وتضيف تهاني ان لزوجها قرار صارم بمنع مواصلة التعليم نتيجة للأعمال المنزلية وخدمة الاسرة وبعد سنوات أنجبت تهاني ولد وفتاة تحرص كل الحرص على ان يحصلوا على حقهم في التعليم كتعويضا لها على ما فاتها كما تقول .
نستلخص من هذه القصة أهمية حصول الفتاة على التعليم فهي أم الغد وما دمنا نريد جيلا قادرا على الاستمرار والمواكبة العصر الحديث .
ورغم الجهود الحثيثة التي بذلت وتبذل في سبيل الحاق الفتاة بالتعليم الا ان نسبة الالتحاق ما تزال ضعيفة لأسباب ومعوقات عدة وبحسب منظمة اليونيسيف فإن المناطق الريفية تشهد تسربا للفتيات من التعليم أكثر من المناطق الحضرية ومن أبرز هذه المعوقات :
معوقات ثقافية..وتتعلق بالنظرة السائدة في المناطق الريفية بعدم ضرورة تعليم الاناث بالنظر الى الأعمال الاخرى التي تقوم بها الفتاة في الريف وحاجة أسرتها لها بعيدا عن المدرسة ناهيك عن ندرة الوظائف للفتيات حال تخرجهن كما ان قلة الوعي لدى الفتاة بأهمية حصولها على التعليم يعد واحدا من العراقيل ..
معوقات إجتماعية.. يعد الزواج المبكر أبرزها والذي ينتشر بشكل كبير في المناطق الريفية ..
معوقات اقتصادية.. كالفقر وعدم قدرة الآباء على توفير احتياجات وتكاليف العملية التعليمية من رسوم دراسية ومصروفات ومواصلات وثياب وغيره .
وعطفا على ما سبق فإن عدم حصول الفتاة على التعليم تنتج عنه آثار كبيرة على الأسرة والمجتمع مثل تدني مستوى الوعي الثقافي والعلمي لدى الأسرة وارتفاع نسبة الأمية والجهل في اوساط المجتمع حيث ذكر تقرير دولي صادر عن منظمة اليونسيف ذكر ان نسبة الامية في اليمن تجاوزت 50% وهذا رقم مفزع ونتائجه كارثية حيث تمثل الفتاة غالبية هذه النسبة وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الأسرة والمجتمع ككل وعليه يجب اتخاذ خطوات جادة وفعالة للمساهمة للتغلب على معوقات حصول الفتاة على التعليم مثل:
توفير درجات وظيفية للخريجات من الفتيات للقيام بعملية التدريس في المناطق الريفية ..
بناء أكبر قدر ممكن من المدارس وإقرار مجانية التعليم والغاء الرسوم الدارسية التي تثقل كاهل الاسرة وزيادة الطاقة الاستيعابية في الجامعات الحكومية ..
دعم الأسر الفقيرة عبر مشروع التغذية المدرسية للاسهام في زيادة التحاق الفتيات بالتعليم واسهام المجتمع في توعية ودعم تعليم الفتاة والمساهمة المجتمعية في توفير المستلزمات المدرسية وبناء المدارس وتفعيل مجالس الاباء والامهات وتوسيع نطاق عملها..
تطبيق القوانين التي تمنع الزواج المبكر وتشديد العقوبات على مخالفيها..
في الختام لابد من الإشارة إلى نقطة مهمة وهي أن حصول الفتاة على التعليم يعد تحصينا لها من مخاطر الفقر والجهل والأمية وحتى الاستغلال كما أنه يعد ضمانة حقيقية لبناء جيل واع ومتسلح بالعلم والمعرفة ويضمن بناء مجتمع متماسك ومتفاهم فالأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق .