مع تصاعد الغضب الشعبي على الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة تعز من تنكيل وجرائم وحشية بحق أسرة "الحرق" على يد مليشيات تابعة لحزب الإصلاح (الذراع المحلي لجماعة الإخوان في اليمن) ، حاولت قيادات بالحزب التخفيف من وطأة هذا الغضب وتلميع جرائمها.
محاولات قيادات الإصلاح بتعز ركزت على محاولة توصيف الجرائم التي لحقت بأسرة الحرق على أنها حوادث قامت بها عناصر "منفلتة"، وليست عصابات مسلحة منظمة تديرها قيادات عسكرية وأمنية تابعة للحزب.
ولم تقف محاولات قيادات الحزب الى هذا الحد ، بل حاولت استثمار هذه الجرائم بما يشبه الإبتزاز عبر مطالبة الحكومة والشرعية بتقديم دعم مادي ومالي إلى قيادة الجيش والأمن بتعز الخاضعة لسيطرة الإصلاح مقابل وقف هذه الجرائم.
هذه الدعوة جاءت على لسان رئيس الإصلاح بتعز عبدالحافظ الفقية في تصريح له على قناة "يمن شباب" الإخوانية والممولة من قطر ، حاول فيه تبرير هذه الجرائم بوقف الدعم على الجيش والأمن بالمحافظة.
حيث طالب الفقية الحكومة والشرعية " بدعم الجيش وبدعم الأمن .. بالتغذية التي لها أكثر من سنة .. بالمرتبات التي لم تصل اليهم منذ ثمانية،و بكل ما يريدونه في الأجهزة الأمنية والجيش حتى يقوموا بواجباتهم من تحرير ضبط للأمن " ، حسب قوله.
وفي حين قدم رئيس الحزب ما يشبه الابتزاز لوقف جرائم مليشياته ، كان لرئيس الدائرة السياسية في الحزب بتعز أحمد عبدالملك المقرمي رأي أخر بمهاجمة المنتقدين ووصفهم بالعمالة والتبعية وبأنهم " طابور من المستثمرين للجريمة " وبأنهم " دكاكين للتنكيل والطعن بتعز".
المقرمي وفي مقال له ، اقر في بدايته بحدوث جرائم وإعتداءات بالمحافظة ، الا أنه أشار الى وجود ما اسماها " تهويل يسعى له المستثمرون في الضفة الثانية من التنكيل بتعز"، محاولاً التخفيف من وطأة الغضب المتصاعد من الإنتهاكات المستمرة فيها.
حيث قال بأنه " يجزم أن مساحة التهبش القذرة بتعز، مؤلمة و مزعجة، ومهما كانت فانها لا تقارن إلى جانب الكيلو مترات التي تنهب جهارا نهارا في محافظات قريبة منها، و لكنها ليست في مرمى دكاكين التنكيل بتعز" ، في إشارة الى عدن ومناطق الساحل الغربي.
المقرمي هاجم بشكل عنيف الانتقادات الشعبية ضد جرائم مليشياته حيث قال : "طابور المستثمرين في دكاكين الطعن بتعز ليست لهم خصومة إلا مع الجيش الوطني وكأنه بمجمله يقف وراء هذه التهبشات والبلطجات القذرة ؛ و ذلك لحاجة في نفس إخوة يوسف".
وخاطب المقرمي قيادة الجيش والأمن الخاضعة لحزبه، الإصلاح بالقول: لا تلتفتوا لإستثمارات دكاكين الطعن بتعز، فليس همهم القضاء على الجريمة، بقدر ما يرونها مصدر إستثمار و توظيف، سواء كان هؤلاء في دكاكين التنكيل، أو في مواقع المسؤولية المتربصة".
خطاب قيادات الإصلاح بتعز يعد مؤشراً واضحاً على حجم الخوف من الغضب الشعبي ضدها في تعز ، ومخاوفها من ضياع سيطرتها على قيادة الجيش والأمن بالمحافظة، ووقفت سداً منيعا لكل محاولات تصحيح وضع الجيش والأمن.
حيث تسعى قيادات الإصلاح من خلال خطابها الى الفصل بين هذه الجرائم وبين قياداتها التي تدير الجيش والأمن بتعز ، ومحاولة توصيف ما يحدث بأنها جرائم من عناصر منفلتة ، يمكن أن تضحي بهم لاحقاً في سبيل بقاء سيطرتها على مؤسسة الجيش والأمن .
خطاب قيادة الإصلاح يهدف إلى محاولة التبرير والتغطية على حقيقة الجرائم البشعة التي تعرضت لها أسرة الحرق ، وتصويرها على أنها مجرد حوادث انتقام من قبل اتباع المدعو ماجد الأعرج رداً على مقتله من قبل أبناء الحرق.
لكن الحقيقة هي أن ما تعرضت له أسرة الحرق جاء بأوامر من قيادة المحور عبر عشرات الأطقم وبمشاركة قيادات عسكرية وامنية إصلاحية بارزة ومن مختلف الألوية العسكرية ، انتقاماً لمقتل الأعرج الذي يعد من أهم أدوات البطش والنهب لقائد مليشيات الإصلاح بتعز العميد عبده فرحان "سالم" مستشار قائد المحور.
المحاولات البائسة التي تقوم بها قيادات الإصلاح للتغطية على هذه الحقيقة التي بات يدركها أبناء تعز بشكل تام باتت تثير السخرية ، خاصة بعد فرض الحزب سيطرته التامة على تعز منذ عامين ، بعد ان نجح في اخراج كتائب ابي العباس من المدينة في ابريل من عام 2019م والتي كانت تمثل شماعة للحزب لإلصاق الجرائم بها.
وما يثير الشفقة من محاولات قيادات الإصلاح، أن من تحاول اليوم تقديمهم كعناصر "منفلتة"، هي ذاتها من كانت بالأمس تقدمهم كقادة وعناصر "الجيش الوطني" في معاركها الخاصة ضد كتائب أبي العباس ومن ثم الحرب ضد اللواء 35 مدرع في ريف تعز.