في دراسة جديدة، أثبت الباحثون أنه يمكن زرع ذكريات زائفة ثم إزالتها في أدمغة البشر في تقدم هائل للتقنيات العلمية الساعية منذ زمن باتجاه تحكم ورقابة أكبر على نشاطات العقل الإنساني يصفها كثيرون بالمخيفة ويدافع عنها آخرون باعتبارها تقدماً ناجزاً للعلم.
وقالت مجلة Science Daily في 24 آذار 2021 أن نظام الذاكرة البشرية قابل للقولبة ويمكن التحكم به لدرجة أنه من الممكن -وحتى الشائع- أن يكون لدى الناس ذكريات خاطئة لم تحصل معهم مطلقاً.
ورغم أن الذاكرة تساعد في إعادة بناء الهوية البشرية من خلال ذاكرة تجاربنا الماضية، فإننا وكلما عدنا إلى الوراء أكثر، كلما أصبحت ذاكرتنا أكثر غموضاً. ولذلك فإننا عندما نفكر في طفولتنا مثلاً، نعيد بناء الماضي في ضوء ظروفنا وتصوراتنا الحالية.
تمكن قسم علم نفس الإعلام بجامعة هاغن بألمانيا مؤخراً من زراعة ذكريات خاطئة لدى 52 شخصاً باستخدام تقنيات إجراء مقابلات تقدم إيحاءات معينة. وبمساعدة أهلهم، كان هؤلاء الأشخاص مقتنعين بأن بعض الأشياء حدثت لهم بالفعل في طفولتهم.
وبعد ثلاث جلسات، اكتسب أكثر من نصف الأشخاص (56٪) ذكريات خاطئة عن أنفسهم. ولكن سواء كانوا يعرفون حقيقة ما حدث أم لا، فقد تمكن العلماء من إعادة ذكرياتهم الصحيحة إلى ذاكراتهم.
وأوضح هارتموت بلانك، عالم النفس بجامعة بورتسموث ومؤلف مشارك في الدراسة، أنه “من خلال تثقيف المشاركين حول إمكانية وجود ذكريات خاطئة، وحثهم على التفكير بشكل نقدي في ذكرياتهم وتعزيز ثقتهم في وجهة نظرهم الخاصة، تمكنا من تقليل ذكرياتهم الخاطئة بشكل كبير”. وتابع “الأهم من ذلك، أنه لم يؤثر على قدرتهم على تذكر الأحداث الحقيقية”.
لكن الذكريات الزائفة لم تختف تماماً عند الجميع. في نهاية التجربة، ما زال 15 إلى 25٪ من المشاركين يعتقدون أن ذكرياتهم الخاطئة كانت حقيقية فعلاً. وهذا هو نفس العدد تقريباً لأولئك الذين صدقوا هذه الذكريات مباشرة بعد المقابلة الأولى. بعد مرور عام، ما زال بعض المشاركين غير قادرين على تحديد الذكريات الخاطئة من الصحيحة.
مونت كارلو الدولية