معهد "ميدل ايست" الأمريكي،صامويل رماني محلل وخبير بريطاني في شئون الشرق الأوسط واليمن
في 4 فبراير، أعلن الرئيس جو بايدن انتهاء الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية الهجومية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن. أثار هذا القرار التفاؤل بشأن عودة الولايات المتحدة إلى المفاوضات بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران.
وبدلاً من التعامل مع قرار الولايات المتحدة بشكل دبلوماسي، دعمت إيران هجوم مأرب الذي شنه الحوثيون وعززت جهودها الدبلوماسية في اليمن. تعكس هذه التحركات شكوك إيران بشأن نوايا الولايات المتحدة في اليمن ورغبتها في الاعتراف بها كصاحب مصلحة لا غنى عنه في المستقبل السياسي للبلاد.
الرد الإيراني على سياسة بايدن بشأن اليمن
كان رد الفعل على إعلان بايدن بشأن اليمن في طهران متضاربا. وصرح سعيد خطيب زاده، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، أن "وقف الدعم للتحالف السعودي، إن لم يكن مناورة سياسية، يمكن أن يكون خطوة نحو تصحيح أخطاء الماضي". فيما قدمت وسائل الإعلام الإيرانية مجموعة متنوعة من وجهات النظر حول توقف بايدن عن الدعم الهجومي للتحالف الذي تقوده السعودية.
وقال مقال نشرته وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إيرنا) في 10 فبراير إن قرار بايدن يمثل نهاية "الاستراتيجية الأمريكية للهيمنة على اليمن"، وأشار إلى أن سياسة الولايات المتحدة تجاه اليمن ستستغرق من ثلاثة إلى خمسة أشهر لتغييرها بشكل ملموس.
هجوم مأرب
للاستفادة من تحول سياسة بايدن تجاه اليمن وزيادة نفوذها الدبلوماسي المستقبلي، شجعت إيران ودعمت الحوثيين على تصعيد هجومهم على مدينة مأرب شمال اليمن.
وعلى الرغم من فشل الحوثيين مراراً وتكراراً في الاستيلاء على محافظة مأرب الغنية بالنفط منذ بدء التدخل العسكري بقيادة السعودية في مارس 2015، استأنف الحوثيون هجومهم في 8 فبراير، حيث قتل يوم 26 فبراير وحده أكثر من 60 مقاتلاً.
وأطلق الحوثيون صواريخ باليستية على مأرب وعلى أهداف حرجة في السعودية، مثل مطار أبها وجدة والرياض، ومؤخراً منشأة أرامكو السعودية في رأس تنورة.
بالإضافة إلى ذلك، قدمت وسائل الإعلام الإيرانية الدعم المعنوي لحملة الحوثيين، حيث وصفت مهر نيوز هجوم مأرب بأنه معركة ضد "المرتزقة السعوديين والإرهاب التكفيري".
وبسبب هذه التغطية الإيرانية الإعلامية، خلص وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في 1 مارس إلى أن إيران كانت "وراء التصعيد الحوثي في مأرب". بالإضافة إلى ذلك، أثار استخدام الحوثيين للصواريخ الباليستية بعيدة المدى مخاوف جديدة بشأن عمليات نقل الأسلحة الإيرانية.
انخراط طهران الدبلوماسي
بالتوازي مع هجوم مأرب، وسعت إيران تدخلها الدبلوماسي في اليمن. وقد تجسدت طموحات إيران الدبلوماسية هناك من خلال تعيينها حسن إيرلو سفيراً للحوثيين في صنعاء في أكتوبر 2020. ويشير هذا التعيين إلى رغبة إيران في إضفاء الشرعية على حكم الحوثيين في شمال اليمن، مما يمنحها مجال نفوذ طويل الأمد على حدود السعودية.
والأهم من ذلك، أن الدور الدبلوماسي لإيران في اليمن يسمح لها بالحصول على اعتراف من القوى العظمى والأمم المتحدة كلاعب بناء، مما قد يمنحها مقعدا على طاولة المفاوضات المستقبلية.
كما وسعت طهران أيضا مشاركتها مع الأمم المتحدة بشأن اليمن. ففي 7 فبراير، زار المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث طهران بصفة رسمية لأول مرة وعقد اجتماعات مع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بشأن إنهاء الحرب. كما ضغطت إيران على الأمم المتحدة للاعتراف بحكومة الحوثيين في اليمن.
وعلى الرغم من إعلان بايدن وقف دعم الولايات المتحدة للتدخل العسكري السعودي في اليمن وإزالة الحوثيين من قائمة الإرهاب الأمريكية، إلا أن الحوار بين الولايات المتحدة وإيران بشأن اليمن لم يتحقق.
إن قرار الولايات المتحدة في 2 مارس بفرض عقوبات على اثنين من مسؤولي الحوثيين بسبب الضربات الصاروخية على السعودية وتكثيف هجوم مأرب يبدد الآمال الضعيفة في أن التعاون بشأن اليمن يمكن أن يساعد في إحياء مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة.
ومع استمرار هذا الجمود، ستواصل إيران في توظيف القوة الصلبة والناعمة (العسكرية والدبلوماسية) في اليمن، حيث تسعى إلى التفوق على السعودية والإمارات من أجل نفوذ طويل الأمد في اليمن.