يواجه وزير الدفاع الإيطالي الجديد لورينزو غيريني تحديات كثيرة خصوصًا في ليبيا، حيث إنه ذو خلفية أمنية؛ فقد كان يشغل منصب رئيس اللجنة البرلمانية لأمن الجمهورية التي تسيطر على عمل الأجهزة السرية، ويعتبر ”سيد التسويات السرية“. وأدت الحكومة الإيطالية الجديدة برئاسة جوزيبي كونتي الخميس اليمين الدستورية، ما يضع نهاية لأزمة سياسية دامت أكثر من شهر، لكن ما زال ينبغي أن تنال الثقة في البرلمان. وتؤكد الصحافة الإيطالية أن واحدة من القضايا المهمة في العلاقة مع ليبيا هي الوجود الإيطالي في مصراته، وإدارة تدفقات الهجرة من هذا البلد، والحفاظ على مصالحها، فضلًا عن ما يسميه مراقبون ”سياسة النعامة“ التي تمارسها إيطاليا في ليبيا، خصوصًا بعد اندلاع الحرب فيها. ويحيط الغموض الوجود الإيطالي في مصراته، حيث توجد وحدة إيطالية خاصة، ومستشفى ميداني يضم ما مجموعه 250 وحدة بين العاملين في المجال الطبي وموظفي الأمن. وقصف الطيران التابع للجيش الوطني الليبي قاعدة مصراته الجوية حيث يوجد المستشفى الإيطالي، عدة مرات، لكن القصف ”كان دقيقًا واستثنى المستشفى“ وفقًا لوزيرة الدفاع الإيطالية السابقة. ويحرص الإيطاليون على إظهار الجانب الإنساني للمستشفى الذي اشتهر إبان عميلة البنيان المرصوص التي شنتها حكومة الوفاق على تنظيم داعش في مدينة سرت، عام 2016، غير أن الجانب الاستخباري واللوجستي الداعم للميليشيات الذي تمارسه الوحدة الإيطالية يبقى طي الكتمان. ورغم أن قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر لم يضع الإيطاليين ضمن الأهداف المستهدفة، إلا أن القنابل تسقط على بعد بضع مئات من الأمتار من مستشفى مياسيت (وهو اختصار لمهمة المساعدة والدعم الثنائي في ليبيا) ، التي تم إنشاؤها لتقديم الدعم لرجال الميليشيات الذين هزموا داعش في سرت مع الأمريكيين، وما زالوا يقيمون في مصراتة، وكانوا يعملون مع فرق صغيرة من القوات الخاصة الإنجليزية. ويتعين على وزير الدفاع الجديد أن يقرر زيادة العمل في الوحدة الإيطالية الخاصة في مصراته، أو يضعفها، على الرغم من المكاسب المتأتية من وجودها، وذلك في حالة ازدياد التوتر الأمني في المنطقة. وعلى صعيد الهجرة غير الشرعية التي تحاربها إيطاليا، ستكون عملية إعادة تقييم العملية الأوروبية في البحر المتوسط، التي تقلصت إلى العنصر الجوي فقط بعد ضغط من الحكومة الإيطالية في صلب اهتمامات الوزير غيريني. لكن تخفيض الجهود والكلفة المالية يعتمد بالطبع على تقوية الدور الليبي في مكافحة الهجرة غير الشرعية، ولهذا أجرى قائد الأسطول البحري الإيطالي الفريق درناتو مارسانو، مباحثات في طرابلس مع رئيس أركان القوات البحرية التابعة للوفاق؛ لواء بحار عبد الحكيم أبوحولية، مطلع الأسبوع، تركزت على مكافحة الهجرة غير الشرعية، وأوجه التعاون المشترك الليبي الإيطالي في المجال البحري. وتمد روما حكومة الوفاق الليبية بمساعدات مشروطة بمكافحة الهجرة في محاولة لإبقاء المهاجرين في ليبيا، ولو ضمن شروط غير إنسانية لطالما انتقدتها منظمات دولية، وهي المساعدات التي ذهبت إلى حد رشوة ميليشيات، من تحت الطاولة. أما ثالثة اهتمامات الوزير الجديد وربما أهمها، تأمين وصول إمدادات الغاز والبترول الليبي إلى إيطاليا، ولهذه الغاية تدعم روما حكومة الوفاق، دون أن يكون بالإمكان الكشف عن حقيقة هذا الدعم، في الوقت الذي تحافظ فيه على علاقات مع قائد الجيش الليبي خليفة حفتر.