يدخل النزاع في اليمن فصولًا جديدة ومتعددة، وسط غياب للسياسة والدبلوماسية والرؤية ذات الأهداف والمصالح الوطنية، التى من شأنها العمل على إيجاد مسارات ومبادرات تسهم في إنهاء الأزمة اليمنية، والصراع المستمر الذي زاد من حالة التشظي والتفكك بين الأطراف المتصارعة من جهة، وبين أدوات السعودية القديمة والجديدة من جهة أخرى.
بدأت الحرب في 2015 بين الحوثيين من جهة والحكومة الشرعية من جهة أخرى بدعم عسكري من السعودية التي انشأت تحالف عربي لذلك، غير أن الطرفين ظلا يخوضان حربا غير مسيطر عليها من قبل أيادي الخارج لتدخل أطراف أخرى لها أهداف خاصة الأمر الذي زاد من صعوبة تسوية الصراع وتوسيع دائرته.
من خلال النظر إلى خراطة الصراع المحلية، هناك طرفان رئيسيان، أحدهما أنبثق عنه قوى متباينة في المشاريع والأهداف والرؤى، وتتصارع فيما بينها، والآخر متماسك بأيديولوجيا دينية خاصه به.
لكن الحقيقية بحسب اعتقادي أن السعودية هي سبب كل هذه المشكلات والتباينات وهي السبب الحقيقي فيما يحدث من تشظي وحروب بينية كونها تعيش أجواء ومخاوف حقبة القرن الماضي وبذلك تفقد البوصلة في الحرب القائمة من حيث الاستراتيجية او من حيث الامساك بزمام المبادرة والتحكم في مجرياتها وبأمكان المتابع والقارئ الجيد لمجريات الأحداث أن يدرك عدم جديتها في حسم المعركة، بل أنها تعمل على إبقاء الصراع كما هو وخلق مشكلات جديدة تزيد من حدته نتيجة للأسباب التالية:
الأول: رؤية المملكة أختلفت تمامآ بين عام 2015 وما قبله، وتحول الصراع بين أدوات المملكة والتى من خلالها تفرض سيطرتها على الملف اليمني، والمعروف عالميآ ان الملف اليمني يقع تحت تأثير السياسة القائمة في المملكة منذ توقيع اتفاقية الطائف في 1934م، والرؤية العامة للسياسة الخارجية للمملكة تغيرت خاصة بعد احداث الربيع العربي.
الثاني: أن القوى السياسة والقبلية التى تعتمد عليها المملكة تأثرت بما يسمى الربيع العربي وحصل فيها خلافات وتباينات، وكانت السعودية تلتزم الصمت معتقدة أن ذلك في صالحها ولم تكن تعرف أن ذلك سيكلفها تبعات لا تقدر على معالجتها في المستقبل، ولذلك ستستمر حالة التشظي والتفكك بين الاطراف المتصارعة من جهة، وبين أدوات المملكة القديمة والجديدة من جهة أخرى.
خلاصة الكلام؛ المملكة لم تتعامل مع اليمن قديما وحديثا كدولة مؤسسات، وإنما قضية سياسية ضمن مجموعة من ملفاتها المركونة في ادراج اللجنة الخاصة، وذلك من خلال مبادرات فردية محدودة الأثر تحت يافطات تعريف حديثة، و لكنها في حقيقتها حظيرة قبلية لضبط الايقاع لصالح اهدافها، الأمر الذي افقدها زمام المبادرة والتأثير بشكل مباشر على الوضع القائم لأن الجهود الفردية في السياسات الخارجية تفقد قيمتها المستقبلية بشكل سريع ولا يبنى على ذلك حورات حقيقية وانما مجرد ترحيل للمشاكل وتأجيلها، وهذا ما نراه ونلاحظه بل ونستطيع ان نتنبئ به خلال السنوات القادمة.