اعتادت مليشيات الحوثي الارهابية سنويا على استغلال ذكرى المولد النبوي الشريف وعيد الغدير، ويوم عاشوراء، ورأس السنة الهجرية، والإسراء والمعراج، والشعبانية (ليلة النصف من شعبان)، وجمعة رجب، بالإضافة إلى إحياء ذكرى وفاة بعض الأئمة بتحويلها إلى موسم لفرض الجبايات على المواطنين بحجة تمويل الاحتفاء بالمناسبة.
و كثفت الجماعة الحوثية لقاءاتها واجتماعاتها وندواتها في مساجد العاصمة صنعاء وبعض المحافظات التي مازالت تسيطر عليها، لبث نهجها بحجة الاستعداد للاحتفاء بالذكرى السنوية لمولد النبي. وشملت تلك اللقاءات كل المديريات الخاضعة لها بإشراف من ما بات يعرف بالقسم التربوي التابع لجماعة الحوثي.
كما طالبت مدراء المدارس بتوثيق تلك الأنشطة وإيصالها للجهات المعنية لديهم، بالإضافة إلى التبليغ عمن يرفض تلك الأنشطة أو المشاركة فيها بغية معاقبتهم.
وألزمت مدراء ومديرات المجمعات والمدارس الحكومية والأهلية والمدارس المحورية في عزل المديريات بتزيين المدارس بالأعلام الخضراء والعبارات والملصقات الطائفية، وإشراك مجلس الآباء والأمهات بالمدارس بالمشاركة في تزيين المدارس، وعمل إذاعات مدرسية عن المولد النبوي، وعمل محاضرات حوثية في طابور الصباح تمتدح قيادة جماعة الحوثي.
وقبل حلول هذه المناسبات الدينية، تغطي شعارات ذات توجه ديني طائفي معالم العاصمة صنعاء وبث دعاياتها التحشيدية والإثراء من التبرعات التى يجبر المواطنون على دفعها بفرض الحوثيين على أصحاب المحلات التجارية شراء قماش أخضر وتزيين المحلات والأحياء التي توجد فيها محلاتهم.
المليشيا الحوثية ألزمت كذلك جميع المصالح الحكومية والجهات المحلية والمدارس والمساجد والمنظمات المحلية في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات والمديريات الخاضعة لسيطرتها بالاحتفال الذي تتخلله طقوس من قبيل توزيع صور زعيمها وكبار قادتها، فضلا عن ترديد أو رفع شعارات متنوعة.
شخصيات اجتماعية ودينية وسياسية ترى أن أخطر ممارسات ميلشيا الحوثي في احتفائها بهذه المناسبات، هو التسويق لفكرة الوراثة الدينية، ومحاولة إقناع بسطاء الناس بأن نصوصاً فقهية تؤكد حقهم في الحكم، والترويج لعبد الملك الحوثي كوريث حصري للرسول صلى الله عليه وسلّم، من خلال أنشطتهم وفعالياتهم التي تتضمن فقرات إنشادية وخطابات وتغريدات تتحدث عن الشخص باعتباره حفيدا للنبي، ما يشي بأحقية الحفيد في الاستيلاء على تركة الجد في الولاية الدينية والحاكمية.
واعتبروا ممارسة الحوثي لهذا التسويق يساهم في ديمومة الصراع وترسيخ جذوره وتحويله إلى صراع مذهبي تكتوي بنيرانه الأسر اليمنية، في كل قرية وكل محافظة، حيث يحاول توسيع قاعدة الموالين تحت تهديد السلاح والتضليل الفكري وتورية الحقيقة القاتمة بالشعارات الوطنية والدينية.
يقول وكيل وزارة الثقافة زايد جابر: "إن الأفكار الحوثية المتلبسة باسم الدين، والتي تزعم أن الله جل جلاله اصطفى سلالة وجعل فيها الحكم والعلم وأمر الأمة بطاعتها، وأن الحوثي وارث النبوة، تمثل تشويها للرسالة الاسلامية ولنبي المساواة الذي أرسله الله رحمة للعالمين وليس لتأسيس ملك أسري".
ويضيف: "هذه الأفكار بكل تأكيد لا تمثل جوهر الإسلام ولا تعبر عنه، لكن البعض لا يستطيع إدراك ذلك ومع وجود من يحاول تأصيل بعض الأفكار العنصرية حتى من خصوم الحوثي، فإن ذلك دفع بعض الشباب والأتباع للإلحاد ورفض الإسلام كما يقدمه هؤلاء".
ويتابع: "هذا ما يستدعي من كل الحريصين على دعوة الإسلام النقية إلى محاربة هذه الأفكار المتلبسة بالدين وتنقية التراث من أفكار العنصرية والتمييز القائمة على أساس النسب والسلالة".
بدوره، يقول وكيل وزارة الأوقاف محمد عيضه شبيبة: "إن ميليشيا الحوثي لبست ثوب المناسبات الدينية لمخادعة الجماهير باسم الدين، وحوّلت الرسول صلى الله عليه وسلم من رحمة للعالمين إلى جد أسرة وكبير عائلة. لذلك من الغرابة أن تجدهم في ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم يرفعون البرقيات لعبدالملك الحوثي يهنئونه بذكرى ميلاد جده وكأن لاعلاقة للمسلمين بالرسول ولايمتون إليه بصلة".
ويشير شبيبة إلى أن خطورة الإمامة "أنها تؤمن بالحق الإلهي لها في الحكم ومع هذا الاعتقاد المنحرف فإنها لا تسعى لهذا المعتقد بالطرق السلمية بل تفرضه بالقمع والإرهاب والحديد والنار، ضاربة بالأغلبية وإرادة الجماهير وحكم الصندوق عرض الحائط".
وأكد أن اليمنيين يرفضون أن "تحول الجماعة نبيهم وأقدس رموزهم إلى سلعة تجارية بذكرى مولده ينهبون مال الشعب ويأخذون مال المواطن بالقوة، وتحويل يوم مولده إلى يوم إرهابي يصدرون فيه فتاوى النفاق والعمالة ضد كل من لم يحتفل معهم حسب طقوسهم الخرافية العنصرية".