اخبار اليمن : تهامة اليمن .. الإقصاء المعتمد على افكار مغلوطة
2022-08-15 21:58:30
صدى الساحل - حسام حسن
منذ الأزل وتهامة تعاني الإقصاء الناجم عن الأفكار المغلوطة لدى أنظمة الحكم السياسي التي تعاقبت على حكم الجغرافيا اليمنية لكنها اي تهامة اليمن ظلت جزءا من تلك الجغرافيا ولم تشكل أي ظاهرة منعزلة.
ومن تلك الأفكار المغلوطة أن السكان في السهول الساحلية بسطاء ومسالمين يسهل السيطرة عليهم وترويضهم لحكام المركز باعتبار أراضيهم تمثل غلة اليمن من الإنتاج الغذائي لذا وجدنا ملكة جبلة الصليحية تغزو بجيش دولتها إلى وديان تهامة الخصبة وتقول لمشايخها وشخصياتها بعد مصادرة سلاحهم وخيولهم يا أهل تهامة (عليكم العيش وعلينا الجيش).
أن هذه المفاهيم الاستعلائية ضد هذه الجغرافيا دخلت إلى عقول الحكام والسلاطين الذين تعاقبوا على حكم الهضبة الوسطى والتقى هذا التوجه مع النزعة الرسية التي جلبها المتمرد يحيى بن الحسين الرسي الى مناطق شمالي اليمن وغذا بها افخاذ القبائل القحطانية وحتى الأفرع الهاشمية المحلية انه مع ذريته هم أئمة ثائرين يجب نصرتهم دينيا ومذهبيا لأن ولاية إلهية لهم وان كانوا قادمين بهذا العلم الجارودي المستورد لشق عصا الطاعة لكرسي الخلافة العباسية في سنة 283 من الهجرة.
لكن مع ذلك الفكر السلالي في ممارسة الحكم وجدنا النقيض لتلك الفكرة من قيادة الحكم في اليمن الأوسط والتي جسدها الملك الرسولي ازاء جغرافيا تهامة باعتبارها موطن الصحابي الأشعري أبو موسي الذي كان قائدا تهاميا عسكريا وحاكما في منظومة الحكم التي ارستها الدولة المركزية في المدينة وأعطت لكل منطقة قدر رجالها وطبيعة الحكم المناسب لها اي نظام المخاليف وجاء الملك الأشرف الرسولي لينشر المنشآت التعليمية والمدارس الفقهية في العاصمة الساحلية زبيد التي كانت عنصر إشعاع للعالم الإسلامي كما رسخ الأشرف علاقته برموز تهامة في منطقة الامية وتوجها بتاج الملك حين منح ابنته الأميرة شجينة لعلم من أعلام تهامة والحاكم المحلي في الرامية الشيخ محمد بن حسين البجلي للدلالة على المكانة المرموقة لتهامة في سلم الدولة الرسولية ودرة حكمها في تعز, هذه حقائق تاريخية ناصعة البياض التي تثبت ان تهامة رقما صعب في منظومة حكم اليمن فعندما تعطى المكانة العالية لأهلها تزدهر ويعلو معها شأن اليمن .
غير أن التفكير الطائفي والمذهبي المنغلق حين غزا ربوع تهامة كان الهم الأول لقائد الحملة المتوكلية السلالي الرسي المدعو أحمد حميد الدين أن يأمر مدارس زبيد العلمية المستنيرة أن تدرس المذهب الطائفي الجارودي الزيدي ليتم مقابلته بثورة فكرية عارمة.
كما برهن هذا النظام الطائفي الأعمى أن يعادي قيادة تهامة السنية التي تعود بنسبها الحقيقي إلى أبناء علي بن أبي طالب من بنت رسول الله إلى درجة أن رئيس مجلس الحكم الذاتي الذي تولى حكم تهامة بقيادة السيد عبد القادر الأهدل تم إعدامه فور دخول مرتزقة الإمام يحيى إلى مدينة الحديدة في سنة1923 هجرية.
وهكذا يأتي الزمان ويغادر على نكبات فضيعة لأبناء تهامة من أقوام وافدين اليها كغزاة وليس كقادة منفتحين عليها يعطونها مكانتها التي تليق بأهلها قبائل وهجر علم مستنيرة رفضت الهيمنة الطائفية للزيود الرسيين الذين أبادوا أبناء جلدتهم بتصفية طائفة المطرفية لمجرد مخالفتهم في الرأي والمذهب.
ومع الأسف فإن فلول هذا الفكر المنغلق في الحكم قد عادوا من جديد لغزو تهامة بعد إسقاط نصف الجمهورية التي بدأ هدم معالمها بعام 2011 وتكلل بعام 2014 م مسفرا عن نفسه مكشرا عن أنياب طائفيته فما أن دخلوا ابتداء من السلالة ثم نفوها عن هواشم تهام بمجرد تمكنهم من السيطرة عليها بإقصاء فخوذ كبيرة من هواشم البلاد بأحكام شرعية نفت عنهم امكانية الحصول على فتات من الخمس المزعوم .وتسلل هذا الفكر المغلوط إلى قلوب وعقول النخب السياسية حتى مع نشوء المقاومة التي تصدت للمشروع الكهنوتي لكن إقصاءها ظل منتشرا في مختلف مناحي الحياة العسكرية والسياسية والثقافية المدنية وحتى الرياضية الشبابية كذلك .
لانهم لا يتصورون ان تنجب هذه الأرض الكفاءات او قل هم يعرفونها ولكن هناك فيتو أحمر على تسلمها مرتبة حتى ولو فوزا رياضيا مدرسيا والحكم مسبقا على فشل من يصل إلى مراتب عالية حتى ولو كان من الكفاءات ، أن عدم صدور قرارات تعيين لأبناء الحديدة بدعوى أن اتفاق استكهولم يمنع ذلك هو من باب الأقصاء السافر حتى مجرد أتفاق عدد من النخب السياسية اليمنية التنظيمية على عدم استكمال تحرير الحديدة لهو الانتحار السياسي بعينة والاصرار الأعمى على مخاوف مزعومة بقدرة كفاءات تهامية في الحديدة على الممارسة الإدارية الرشيدة لمناطقها لهو الضلال المبين والظلم والإجحاف بحق هذه الكفاءات .
كما أن الاصرار على ابعاد وتصغير أبناء الحديدة من الاستحقاقات الوطنية لهو من أكبر الظلم الذي لا يقبله الخالق مطلقا، لكن يبقى الأمل الرشيد من رئيس مجلس المثامنة أن يعيد التوازن إلى نصابه ويبعد الأفكار المغلوطة من رؤوس النخب والأسر الحاكمة ضد أبناء ومواهب وكفاءات الحديدة.