وقع نازحون من القرن الأفريقي يتخذون من اليمن محطة للهجرة من بلدانهم ضحايا للحرب، وأصبحوا وقوداً لها، وسلاحاً بيد الميليشيات، إذ لا ناقة لهم في ما يجري ولا جمل سوى أنهم اتخذوا من اليمن مساراً لتأمين انتقالهم كباقي البشر الذين يمتلكون حق العيش واللجوء.
ففي شمال اليمن تقوم الميليشيات الحوثية المسيطرة بإجبار اللاجئين الأفارقة على المشاركة في القتال ضد الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً والمدعومة من التحالف العربي.
محمد علي، مقاتل جنوبي يتبع ألوية العمالقة التي حررت محافظة شبوة جنوب اليمن، قال لـ"النهار العربي" إنه عثر على قتلى من المهاجرين الأفارقة في صفوف الميليشيات الحوثية.
وأضاف: "وجدت جريحاً من الأفارقه في جبهات بيجان في آخر أيام القتال مع الميليشيات، حاولت إسعافه لكنه فارق الحياة. وتبيّن أن إصابته جاءت من الخلف ما يدل على أن الميليشيات تجبر هؤلاء اللاجئين على القتال وفي حال حاول أحدهم الهروب تقوم بقتله ورميه".
وأوضح أن "الميليشيات الحوثية تحاول سحب جثث قتلاها من الجبهات خصوصاً ما يسمونهم "زنابيل" أي من الأسرة الحاكمة أو الهاشميين فقط، بينما تترك الآخرين في الصحراء ومن بينهم الأفارقة الذين عثرنا على عشرات القتلى منهم".
تعتيم حوثي
وتكشف المحامية والناشطة الحقوقية، رئيسة منظمة الأورومية لحقوق الإنسان عرفات جبريل في تغريدة لها عبر "بتويتر"، عن ارتفاع أعداد جرحى اللاجئين والمهاجرين الإثيوبيين المقاتلين في الجبهات الحوثية، وقالت إنه "يتم نقلهم الى مستشفيات العاصمة اليمنية صنعاء، منذ بداية الأسبوع الماضي وسط تحفظ الحوثيين والتعتيم وعدم إبلاغ الأهالي".
وتستمر الميليشيات الحوثية في تجنيد المهاجرين الأفارقة من دون مراعاتها لحقهم في اللجوء وتجبرهم على القتال والمشاركة في انقلابهم على الدولة في اليمن.
ودأبت هذه الميليشيات على الزج بمئات الأفارقة المهاجرين في حربها ضد الحكومة الشرعية، مستغلة حالة العوز والفقر التي يعانون منها، وهم قدموا الى اليمن بحثاً عن أوضاع معيشية أفضل، قبل اصطدامهم بواقع أكثر إيلاماً.
ويقول الصحافي اليمني شكري حسين لـ"النهار العربي":
"الميليشيات عادة ما تتخذ إجراءات تعسفية بحق المهاجرين يصل بعضها إلى الإكراه وربما القتل.
فحادثة حرق مئات الأفارقة في أحد مراكز الاحتجاز بصنعاء قبل حوالى عام من الآن ليست بعيدة، إذ كشفت تقارير حقوقية، محلية ودولية، عن احتجاز جماعة الحوثي في صنعاء لمئات الأفارقة وطلبت دفع 2000 دولار أميركي على كل شخص، أو الذهاب إلى الجبهة لقتال القوات الحكومية".
ولفت إلى أن المئات لم يتمكنوا من دفع تلك المبالغ وفضّلوا الذهاب إلى المعركة تجنباً للاحتجاز، لكن ذلك الخيار لم يكن مفضلاً، بعدما سجلت الأيام الماضية مقتل العشرات منهم.
وبين حق اللجوء المكفول قانوناً لكل المواطنين بحسب مواثيق الأمم المتحدة وجحيم حرب تمزق أجساد المهاجرين الأفارقة، تبقى آمالهم معلقة بمساحة آمنه للجوء من دون إجبارهم على القتال.