صدى الساحل - كتبت/ أم فراس الرمعي:
"كانت الأمطار خيراً حتى سلبتك مني سيولها.. صار صوتها ينعق بالفاجعة... صارت رائحتها التي كنت أحبها تفوح بالموت.. بات موسمها موسم حصاد الأحبة وفراقهم.. بماذا تنبئ اليوم يا أغسطس..؟
هذا كل استفساري فمع كل قطرة مطر تسيل على نافذتي.. يخيل إلي انها دموع ترثي ذلك الجسد المدفون في تلك الارض البعيدة.. يخيل إلي أن السحاب ما تلبد إلا حول قبره.. وما تجمعت القطرات إلا لتسمع ذلك النبأ العظيم.. وحده الموت صار معناه واضحا.. وحده الموت يلوح لي فيك يا شهر آب..!! أصدقك القول اليوم باني لست حزينة لأن من أحب رحل عن الحياة إلى حياة أخرى.. فأنا ما زلت على ذلك العهد.. إنما حزينة جدا لأن الشخص الوحيد الذي أحبني بصدق واحتواني بسعة.. وألهمني تفاصيل جنونه برفق الأب وتواضع الأخ ورأفة الصديق وبراءة الطفل الصغير قد رحل..
رحل الإنسان الذي أخذني من يدي يوما ما ليلحقني في المدارس ثم الجامعة.. رحل الإنسان الذي كنت أشعر معه أن طفولتي طالت حتى ظننتها لا تنتهي.. رحل ذلك الساخر الذي كان يضحك من كل شيء حتى بدت الحياة لي معه مجرد مسرحية.. تفرغ البيت من صوت ضحكاته وحتى أنغام فيروز فقدت نوتتها.. تغيرت نكهة القهوة في الصباح وفقدت وقارها.. المطر أيضا فقد جلاله وسحره وتحول إلى ناقوس لذكرى رحيلك الأنيق.. صارت الشمس بعدك تشرق لتغيب كأن انتظارك لذلك الشروق لتنطلق نشيطا إلى عملك كان ملهمها الأول..
نمت طويلا هذه المرة!! أغمضت عينيك بجدية لأول مرة ولم تفتحهما لتراقب الأخبار خلسة ولا لتتجاذب أطراف الحديث مع أصدقائك في الفيس بوك..!!
((ماحد يتزوج مرة مدلوز)) لم أشعر يوما أني سأشتاق لهذه العبارة..!! نسيت صفحتك الأخيرة دون كلمة وداع!!
دون اعتذار على التأخير هذه المرة، لم تمنحنا فرصة التمعن في سطورك كما تفعل كل مرة ثم تفسرها.
"قولي للعيال يشتحطوا.." كانت آخر عباراتك، أريد أن أقول لك إن رحيلك (شحطنا كلنا..).
رحمك الله يا أحمد الرمعي، أدام الله ابتسامتك، رحمك الله يا زوجي رحمك الله أبا فراس، (رحمة إن وزعت على أهل الأرض لكفتهم).