إقالة تيليرسون وتعيين بومبيو.. كيف يستعد ترمب لحربه القادمة؟

2018-03-18 15:08:26



  مقدّمة المترجم مايك بومبيو، وزير الخارجية المعين حديثا، من صقور السياسة الخارجية الذين يعارضون الاتفاق النووي الإيراني والمعروفين بكرههم للإسلام، لكن التخلي عن الصفقة النووية مع طهران قد يطلق سلسلة من ردود الفعل العنيفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فهل ينبئ ذلك عن اشتعال لحرب قادمة في الأفق؟           نص التقرير بعد أن قام رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب بطرد وزير خارجيته، ريكس تيلرسون، من منصبه ركز العديد من المحللين على كيفية هذه الإطاحة التي أعلم بها تيلرسون بشكل مهين عبر تويتر بدلا من أن يتم إعلامه شخصيا بطرده!      كمحلل سابق في شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، أعتقد أن المشكلة الحقيقية الناتجة عن استبدال وزير الخارجية تكمن في تداعيات ما حدث على السياسة الخارجية. ققد اختار ترمب مايك بومبيو، أحد "صقور" السياسية الأمريكية الذي خدم كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية وكنائب في الكونغرس عن ولاية كنساس، ليحل محل تيلرسون. في عام 2015، صوت بومبيو ضد الاتفاق الذي قامت إدارة أوباما بموجبه برفع بعض العقوبات الاقتصادية الدولية على إيران في مقابل تجميد إيران لبرنامجها النووي العسكري وإخضاعه لعمليات تفتيش دولية صارمة، ورحيل تيلرسون يعني أن الصفقة النووية الإيرانية هي الآن في أزمة. لكن إذا تخلى ترمب عنها، أخشى أن يتفجر الشرق الأوسط بأكمله.       السبب وراء طرد تيليرسون   تم طرد وزير الخارجية السابق لمجموعة من الأسباب، بعضها شخصي. فلم يكن تيلرسون وترمب على معرفة شخصية قبل انتخابات عام 2016، ويبدو أن تيلرسون لم يكتسب ثقة الرئيس خلال وجوده في منصبه. وبحسب ما ورد من الأنباء وجد ترمب أن تيلرسون متغطرس ومتعجرف وأقل امتثالاً لأهوائه من أعضاء الإدارة الآخرين.   لقد استحق تيلرسون غضب ترمب بشكل خاص بعد التجرّؤ على الاختلاف معه حول العديد من الأمور السياسية الأساسية، بما في ذلك قرارات الرئيس بالانسحاب من اتفاق باريس بشأن المناخ، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتقاربه مع روسيا. كما وصف تيلرسون رئيسه بالـ"معتوه" بعد اجتماع في يوليو عام 2017 في البنتاغون. باختصار، كما قال ترمب إلى مراسلين في حديقة البيت الأبيض، لم تكن هناك "كيمياء" جيدة بين الرجلين.         صفقة إيران في خطر ولعل الأهم من ذلك هو أن تيلرسون كان قد تحدى ترمب بشأن إيران. فترمب هو من أشد منتقدي الاتفاق النووي الدولي منذ حملته الرئاسية لعام 2016، وكان قد وصفه بأنه "أسوأ صفقة تم التفاوض عليها في التاريخ"! أراد ترمب أن يلغي الصفقة عندما أتى الوقت لإعادة تصديقها في يوليو 2017، لكن وزير خارجيته نصحه ضد اتخاذ هذه الخطوة في حينه محتجا بأسباب دبلوماسية وأمنية       انتقد تيلرسون إيران بشدة، وأدان عدوانيتها الإقليمية وتدخلها في الحرب الأهلية السورية. لكنني أعتقد أنه فهم، كما فعل العديد من المحللين السياسيين الآخرين، أن التراجع عن الاتفاقية النووية من شأنه أن يزعزع استقرار الشرق الأوسط - وقد يعرّض العالم بأسره للخطر - لأن إيران سوف تردّ على الأرجح من خلال استئناف برنامجها النووي.   كما كان تيلرسون، وهو رئيس تنفيذي سابق لشركات دولية، أكثر حساسية تجاه آراء الحلفاء الأوروبيين من رئيسه. فبدلاً من تخريب العلاقات مع المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وشركاء رئيسيين آخرين بإنهاء اتفاق كانت هذه الدول قد ساعدت في التفاوض عليه، عمل مع الأوروبيين للتوصل إلى حل وسط قد يجده ترمب مقبولا.   وكان وزير الدفاع جيمس ماتيس يوافق تيلرسون الرأي حول إيران. وقد قام الرجلان بالضغط على الرئيس بشكل دوري من أجل عدم إلغاء الصفقة، وقد نجحا في حمله على إعادة المصادقة على الاتفاقية في يوليو 2017. لكن ترمب استاء من هذا الضغط ودعونا لا ننسى أن هذا الرئيس كان قد صرح صراحة بأن آراءه فقط هي التي لديها أي قيمة في السياسة الخارجية!   لم يوافق تيلرسون على هذا الرأي. وكما قال في خطاب الوداع الذي ألقاه في 13 مارس، فإنه آمن بشدّة أن وظيفته كوزير للخارجية هي خدمة الأمة الأميركية والدفاع عن الدستور الأميركي. لكن بالنسبة لترمب، لم يكن موقف تيلرسون من إيران مجرد اختلاف في الرأي، بل كان فعل "خيانة".        غرائز بومبيو الخطرة في أكتوبر عام 2017، قرّر ترمب أخيرا عدم المصادقة على الصفقة الإيرانية، مما فتح الباب أمام الكونجرس الأمريكي لإعادة فرض العقوبات على طهران. وفي خطابه عن حالة الاتحاد في يناير عام 2018، دعى ترمب بصراحة المشرعين إلى "معالجة العيوب الأساسية في الصفقة النووية الإيرانية السيئة" كما قال. ويشاطر وزير الخارجية الجديد الرئيس الرأي هذا حول الصفقة النووية. عندما كان عضوا بالكونغرس، عارض بومبيو الاتفاق مع إيران في عهد أوباما قائلا بأنه "غير مقبول على الاطلاق"، ثم قال بعد انتخاب ترمب إنه يتطلع إلى "التراجع" عن الاتفاق كلّيا. وكان بومبيو - الذي يقول ترمب بأنه يتمتع بكيمياء جيدة جدا معه - قد زعم علنا أن إيران "عازمة على تدمير أمريكا!" ويقول مساعدوه في الكونغرس الذين عملوا معه إن بومبيو هو رجل ذكي وعقلاني، لكنه إذا قرّر تبنّي غرائز ترمب العدائية، فإنني أعتقد أن الصفقة النووية الإيرانية قد تنتهي هذا العام.         زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط    هذا يمكن أن يطلق سلسلة خطيرة من الأحداث في الشرق الأوسط المضطرب أصلا. فإذا أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران، فإن المتشددين هناك - الذين عارضوا دوما الصفقة النووية - قد يضغطوا على الرئيس الإيراني حسن روحاني للردّ من خلال إعادة تشغيل برنامج تخصيب اليورانيوم في البلاد.   أعتقد أن إسرائيل ستشعر بعد ذلك بأن لديها مبررا في القيام بعمل عسكري ضد إيران، التي تراها بأنها تهديد لأمنها القومي. وقد يحصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في هذا السياق على دعم سرّي من قبل المملكة العربية السعودية، العدو اللدود لإيران، وربما دول سنية أخرى أيضا، ضد إيران.   يحكم إيران رجال الدين الشيعة المحافظون والبلدان ذات الأغلبية السنية مثل المملكة العربية السعودية تكره سياسة إيران في تمويل الميليشيات الشيعية من أجل الدفع بأجندتها الطائفية في الدول العربية حيث يوجد مواطنون شيعيون مهمّشون أحيانًا. لم تؤيد إسرائيل والسعودية مطلقا الاتفاق النووي الإيراني فلقد كانوا يخشون من أن يؤدي رفع العقوبات عن إيران إلى منح طهران المزيد من الموارد لتأجيج الصراعات في العالم العربي.   يتفق المحللون على أنه في حال قامت بعض الدول العربية السنية بالتعاون مع إسرائيل ضد إيران، فإن إيران لن يقصر ردّها على إطلاق الصواريخ بل يمكن أيضا أن تقنع حلفاءها المجهزّين تجهيزا جيدا مثل حزب الله والجهاد الإسلامي في فلسطين بشن هجمات صاروخية على إسرائيل أيضا. أشك في أن حربا في الشرق الأوسط هي النتيجة التي يسعى إليها بومبيو وترمب بإنهاء الصفقة الإيرانية، لكن قد تكون هذه الحرب بالفعل الكارثة التي سوف يتسبّبان بها من خلال أفعلاهما.    _________________________________________________________           مترجم عن (ذا كونفرزيشن)

تابعونا علي فيس بوك